كنت أعتقد كما يعتقد كثير من الفضلاء والعقلاء من أبناء هذا الوطن العزيز، أن حركة 20 فبراير قد فكرت وقدرت وخلصت إلى وضع برنامج سياسي واضح المعالم لخوض غمار الاستحقاقات المقبلة، من أجل الإسهام بفعالية في سياسة البناء الجماعي لمغرب قوي وموحد ... لأن منطق الأشياء يؤكد أن الذي يريد الخير لأمته ووطنه عليه أن يأتي البيوت من أبوابها، وأن يجتهد في تقديم مقترحات وحلول ومشاريع طموحة ... وأن يعمل بكل تفان وإخلاص، وفي إطار مؤسساتي مسؤول من أجل الإسهام في صناعة مستقبل البلاد بكل أمانة ومسؤولية.
كنت أعتقد أيضا كما يعتقد كثير من الفضلاء والعقلاء من أبناء هذا الوطن الغالي أن فترة الصيف وما صاحبها من أجواء رمضانية ربانية كانتا كافيتين لحركة 20 فبراير من أجل مراجعة الذات مراجعة عميقة، والتفكير في الانتقال الديمقراطي الإيجابي إلى الفعل السياسي المسؤول والبناء، الذي يجعل من بين أهدافه النبيلة، ومقاصده العظيمة، صيانة كرامة الإنسان المغربي، ثم الحفاظ على الأمن والاستقرار كقيم راسخة لا يجوز العبث بها.
إن القضاء على الفساد والدعوة إلى تخليق الحياة العامة ينبغي أن يتم من الداخل، وفي إطار مؤسساتي واضح ومسؤول، وبنهج أساليب ديمقراطية حقيقية، أما أن يعمد البعض إلى الخروج إلى الشارع ليردد كلاما عاما لا تخفى مآلاته السلبية ثم ينصرف إلى حال سبيله في غياب تام لأي مسؤولية أخلاقية وسياسية عن هذا الفعل، وما قد ينجم عنه من فساد ديني ودنيوي أكبر ... فهذا في اعتقادي الراسخ أسلوب غير واقعي وغير مجد في معالجة مشاكل الأمة ... بل هو مدخل للفساد الذي يسعى هذا البعض إلى محاربته.
على حركة 20 فبراير أن تأتي البيوت من أبوابها، وأن تتحمل مسؤوليتها التاريخية كاملة وأن تنخرط بدورها في مسيرة الإصلاح الشامل الذي انخرطت فيه بلادنا بقوة عن طريق إقرار إصلاحات دسورية غير مسبوقة، ولا سبيل لهذا الإصلاح سوى خوض غمار الاستحقاقات المقبلة بمشاريع وبرامج واقعية وطموحة ... هذا ما يريده الشعب المغربي الأبي من أحزابه السياسة ومن حركة 20 فبراير، بل ومن جميع الفعاليات الوطنية.
على سبيل الختم:
• على حركة 20 فبراير أن تنخرط في سياسة البناء الجماعي لمغرب قوي وموحد ومتضامن.
• على حركة 20 فبراير أن تنظر إلى مستقبل المغرب بواقعية وأن لا تغمض عن الإصلاحات السياسية العميقة التي انخرطت فيها بلادنا، والإنجازات العظيمة التي تحققت في ظرف وجيز على صعيد جميع جهات المملكة المغربية.
• على حركة 20 فبراير أن تتفاءل أكثر وأن تحيد عن عقيدة التيئيس الجماعي التي لا مكان لها في ديننا الإسلامي الحنيف، وفي ثقافتنا المغربية الأصيلة.
• على حركة 20 فبراير أن تبتعد عن نهج التشكيك في الحياة السياسية الذي لا يفيد في شيء، وأن تعي جيدا أنه ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان.
• على حركة 20 فبراير أن تحترم إرادة الشعب المغربي في اختياراته السياسية. وأن تسهم في إطار الإجماع الوطني الحاصل على تقديم مقترحات وحلول واقعية للمشكلات الاجتماعية.
• على حركة 20 فبراير أن تعمل في إطار مؤسساتي واضح كقناة أساسية للعمل السياسي المسؤول والبناء، وأن تنحاز إلى مطالب الشعب الحقيقية وليس الترويج لمطالب مزيفة لا يقرها الشعب المغربي المسلم بحال.
• على حركة 20 فبراير أن لا تفوت هذه الفرصة التاريخية التي انخرطت فيها بلادنا بقوة وأن تنخرط بدورها في مسيرة البناء الجماعي من أجل تحقيق وعود الأمل التي جاءت بها الإصلاحات الدستورية الجديدة.
• على حركة 20 فبراير أن تدرك من قبلُ ومن بعدُ، أن التغيير المنشود الذي ينتظره الشعب المغربي الأبي يبدأ من قلب ... حركة 20 فبراير رأسيا على عقب، قلبها من حركة منفعلة إلى حركة فاعلة، حركة تعبر عن مطالب حقيقية متمثلة أساسا في ضمان سبل العيش الكريم للمواطن المغربي، وليس أوهام بعض التيارات الفكرية والسياسية التي يمجها الشعب المغربي الوفي لاختيارات أمته الدينية والوطنية والسياسية.
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل
أستاذ باحث بجامعة محمد الأول بوجدة