بإعلان حكومة جزر موريس أمس رسميا سحب اعترافها بجمهورية الوهم ، و تواتر مسلسل سحب الاعترافات بجبهة العار بشكل غير مسبوق خلال السنة التي ودعناها تكون أطروحة الانفصال قد دخلت مرحلة الاحتضار الفعلي على الرغم من أن زعيمها الأبدي عبد العزيز لمراكشي ، كان قد خاطب منتشيا بغرور مصطنع قبل أسبوع فقط حاشية المضللين الذين يحيطون به داعيا إياهم الى تكريس السنة الجديدة لتوسيع دائرة الاعتراف الدولي بالكيان المصطنع .
الذي وقع أن 46 دولة أعلنت رسميا سحب اعترافها بالكيان الوهمي فقط خلال العقد الأخير لتتقلص لائحة الدول أو الحكومات التي تربط علاقات مع الجبهة الانفصالية من 85 قبل عشرين سنة الى زهاء الثلاثين حاليا جلها عبارة عن دويلات صغيرة و غير ذات نفوذ على الصعيد العالمي باستثناء الجزائر و جنوب إفريقيا اللتين تعتبر طرفا اساسيا في تأسيس و تعهد ودعم أطروحة الانفصال .
ومن البديهي الاقرار أن وتيرة سحب الاعتراف التي عرت حقيقة الكيان الوهمي المصطنع و الذي تتحكم في خيوطه الجزائر تسارع بشكل كبير منذ نهاية سنة 2008 وهو ما يعكس قوة المكاسب الجديدة في ملف الوحدة الترابية للمملكة التي راكمتها الدبلوماسية الرسمية والموازية للمملكة , وتحول هذا الملف من شأن سيادي خاص الى قضية وطنية تحقق حولها الاجماع و التعبئة الواسعة لمختلف الهيئات السياسية و المدنية والرسمية .
و لقد كانت لخطوات و مبادرات جلالة الملك في ملف الوحدة الترابية للمملكة دور حاسم لوضع هذا التحدي الوطني في سياقه الحساس و المصيري بالنسبة للشعب المغربي كافة .
فقد أفرد جلالة الملك لقضية الوحدة الترابية للمملكة حيزا هاما من نص الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالته بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الجديدة .
و أسهب جلالة الملك في التأكيد على أهمية و راهنية وحساسية الظرفية الراهنة التي تجتازها القضية الأولى للمغاربة و شدد بصيغ و عبارات دالة و صريحة على مسؤولية الجميع أحزاب سياسية و هيئات وفعاليات المجتمع المدني وأجهزة ووسائل الإعلام للتعبئة و اليقظة و الانخراط في المعركة المصيرية الأولى للشعب المغربي و لجميع شرائحه و مكوناته .
جلالة الملك نبه الدبلوماسية البرلمانية والرسمية على السواء الى ضرورة أخد زمام المبادرة لمواجهة مناورة خصوم الوحدة الترابية و عدم الاكتفاء بردات الفعل بل يتوجب التحلي بسلوك استباق الأحداث والتفاعل الإيجابي معها للتمكن من إرباك حسابات الخصم بدل انتظار مبادرته بالتحرك المتأخر .
عمليا نحن الآن نجني ثمار سلوك الحزم والمبادرة التي أبانت عنه الدبلوماسية الرسمية والموازية في تدبير هذا الملف المصيري و لكن كل هذه المكاسب و على أهميتها لا يجب أن تنسينا بأن أعداء الوحدة الترابية و المتربصين بالمصالح العليا للبلاد لن يقفوا مكثوفي الأيد طالما أنه أمامنا رهانات لا تقل أهمية في تحدي استقطاب المزيد من الدعم الدولي لموقفنا المشروع و القوي .
نحن الآن أمام لحظة إستفاقة الضمير الدولي تجاه تبعات ملف مجتر من فترة الحرب الباردة و أمام دعم غير مسبوق لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل سياسي تفاوضي للنزاع المفتعل يحظى بمصداقية مشهود لها بالمنتظم الدولي و لكننا في نفس الوقت في مواجهات تحركات مشبوهة للمحور المناهض للحق المغربي المشروع الذي تتزعمه الجزائر لامتصاص و الالتفاف حول مسلسل الانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب و تبخيسها أمام هياكل الأمم المتحدة.
مبدئيا كل التطورات و المستجدات السياسية التي تشهدها المنطقة تصب في صالح الموقف المغربي و تقويه لكن هذا لا يمنع من الاقرار بأن المسيرة تتطلب العديد من ضبط إيقاعات دبلوماسيتنا الرسمية و تأهيلها لتمارس أدوارها بشكل أكثر إحترافية و كفاءة .
لقد ساهم الحضور المعنوي القوي لجلالة الملك و جهوده المبتكرة في العديد من عواصم العمق الافريقي من إقناع عدد من قادة القارة الافريقية و العالم بعدالة الموقف المغربي و بأهمية مبادرته لحل النزاع المفتعل في إطار خطة الحكم الذاتي كما أن تدخلاته السامية مكنت في أكثر من مناسبة من تعطيل مناورات مناوئة كانت تصب في مسعى إلحاق أضرار للمصالح العليا للمملكة .
إن كل هذه الانجازات تتطلب في المقابل حضورا أكثر إسماعا و إقناعا للصوت و الموقف المغربي بشتى المحافل الدولية و عدم ترك المجال مفتوحا و متاحا أمام خصوم الوحدة الترابية لاختراق القلاع التقليدية لدبلوماسيتنا خاصة في شمال أوربا و غيرها .
رشيد زمهوط ( صحيفة العلم)