عزيز الدادسي
يعرف فقهاء جماعة العدل والإحسان أن الدليل على أن الشعب أصبح معهم يحتاج إلى اعتماد العديد من المناهج ومنها المنهج الإحصائي، حتى يعرفوا كم معهم كم ضدهم وكم من الناس "ما مسوقينش ليهم بالمرة"، كان عليهم أن يعرفوا كل ذلك حتى يقولوا في افتتاحية موقعهم، الذي لا يسمح بترك تعليقات، أن الخيارات السياسية في المغرب أصبحت مفتوحة وعلى المجهول، هم يعرفون الفتح والغلق ومن كذب فليسأل ندية ياسين كريمة الشيخ ووريثة عرشه يوم كانت رفقة خليلها بأثينا، ولم تتذكر محمود درويش وهو يتحدث كمنفي عن مطار أثينا لأنها لم تعرف النكد.
فمن هو الشعب الذي تراهن عليه الجماعة؟
هم فئات عريضة التي قالت نعم للدستور لأنها تأكدت أن بنوده كفيلة بتأسيس حياة جديدة مبنية على المراقبة والمحاسبة، الفئات التي لا تصدق ما يقوله دعاة الفتنة والتحريض وضرب الاستقرار، وهي الفئات التي تعرف جيدا أن بلدنا ليس جنة لكنه ليس جهنم وإنما هو بلد سائر في طريق الديمقراطية والنمو والتقدم، ليس محتاجا لترهاتهم بقدر ما هو إلى ضوابط دستورية وقانونية.
فئات صوتت لأنها تعرف أن الدستور الجديد ينص على اقتسام الثروة، واقتسام الثروة ليس كما يفهمه عامة الحركات الفتانة أي يتم تقسيمها بالريال وخوه ولكن توزيع عادل للمشاريع على كافة المناطق وتهييء بنيات الشغل.
والشعب الذي تراهن عليه جماعة العدل والإحسان هو مجموع الأحزاب والتيارات والنقابات والجمعيات التي دعمت الدستور الجديد، وهي تمثيليات لا يستهان بها، وهي التي وصفتها افتتاحية الجماعة بأنها تابعة ومفعول بها، وهذا تعبير قدحي، ومن قيادات هذه المجموعات من قضت عمر العدل والإحسان كله في السجن مدافعة ومنافحة عن الديمقراطية يوم كان للكلمة ثمن، يومها كان ياسين يصارع الشيخ حمزة على خلافة والده العباس على رأس الزاوية البودشيشية.
أما ما تعتبره الشعب إلى درجة أنها تقول في موقعها خرجت مدينة وجدة وتستعد الرباط وتصر الدارالبيضاء وكأن المدينة تخرج عن بكرة أبيها، فهو مجموعة من الشباب سطت على حركتهم جماعة العدل والإحسان والنهج الديمقراطي، وفيمن يخرج هناك فئات عريضة ليست مع الجماعة في أطروحاتها بل لها رؤية أخرى إصلاحية تختلف عن الفتانين ودعاة ضرب الاستقرار.
وإذا كانت الجماعة تعتبر أن المستقبل مفتوح والرهانات مفتوحة فهي لم تكذب، لكن ليس كما تتصور، فالمستقبل مفتوح على رهانات أخرى فتحها التصويت على الدستور.