يقول مثل مغربي شائع:"خبز الدار ياكلو البراني". ومعناه أن لقمة العيش التي يسعى ويشقى رب البيت من أجل توفيرها لأولاده تذهب في النهاية إلى الغرباء.
ينطبق هذا تماما على حال النظام الحاكم في الجزائر الذي يصرف أموال وخيرات الشعب في دعم الخواء الخاوي وهو يعلم مسبقا أنه كمن يصب الماء في الرمل.
يعرف الشعب الجزائري أن 250 مليار دولار أو أكثر يخصصها حكامه من أجل قضية صنعها صنعا لتغذية وتموين الانفصال في الأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية من أجل تمزيق الوحدة الترابية للمملكة؛ وأن مبالغ طائلة يغدقها على العصابات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء ، وعلى المغامرات الانفصالية هنا وهناك ، وعلى منظمات حقوقية من أجل أن تغمض عينيها على ما بجري في الجزائر من فساد واستبداد وخنق للحريات والتجمعات ،ناهيك عن ملايير أخرى خاصة للدعاية ضد المغرب في المحافل الدولية .
إن دعم جماعة "البوليساريو" بالمال والعدة والعتاد (بما فيها الصواريخ والدبابات الحديثة لا تمتلكها حتى الدول القائمة الذات) لاستعمالها ضد بلدها المغرب طمعا في تحقيق حلم الدولة ،أهم ،عند حكام الجزائر ، من دعم وتنمية مناطق القبائل والطوارق والشاوية والمزاب ، واحترام حقوقها وخصائصها وحقها في التمتع بحكم ذاتي ؛ هذا دون الحديث عن سكان القبائل الذين يطالبون صراحة بالانفصال والاستقلال عن الجزائر التي لا يعتبرونها دولتهم.
في هذا الوقت الذي يكد فيه الشعب الجزائري ويكدح من أجل توفير لقمة عيش حلال ، ترى متزعم الانفصال عبد العزيز المراكشي، الذي تنكر لفصله وأصله وعائلته بالمغرب ،وفضل ما هو أدنى على ما هو خير ، يزهو ويتبختر وهو يقضي كل أوقاته ،التي ينخرها الفراغ، في ردهات الفنادق الفاخرة ، وفي التجول بمختلف العواصم العالمية بأموال الشعب الجزائري ، من أجل أن تلتقط له صورة مع قائد أو مسؤول في هذه الدولة أو تلك ، ويظل حريصا على طلبها والتهافت للحصول عليها إلى حد الإزعاج و"لبسالة"، بينما المغاربة الصحراويون، الذين تم اختطافهم والتغرير بهم بحلم الدولة المنتظرة ، يندبون حظهم التعس وهم قابعون في سجن تندوف الكبير.
من باب التذكير فقط : عصابة "البوليساريو" التي قامت سنة 1975،بمساعدة وتخطيط ضباط الجيش الجزائري، بسرقة 2000 ناقة في ملكية زعيم قبيلة الركيبات المرحوم خطري ولد سيدي سعيد الجماني ، انتقاما من موقفه الوحدوي الشجاع المساند لبلده المغرب ، هي نفس العصابة التي تسرق اليوم قوت الشعب الجزائري، وتستفيد من خيراته وثرواته ، وتعيش على ظهره.
في هذا الوقت، يخبرنا التقرير السنوي لبنك الجزائر المركزي أن الحساب الجاري لميزان المدفوعات سجل عجزا بمقدار 1.2 مليار دولار خلال النصف الأول من سنة 2013 في مقابل فائض بعشرة مليار خلال نفس الفترة من سنة 2012، كما أن صادرات المحروقات تقلصت ب14.3% خلال ستة أشهر الأولى من السنة الجارية ، ينما سجل استيراد المواد الغذائية ارتفاعا وصف ب"غير المسبوق" بقيمة 6.5مليار دولار خلال الثمانية أشهر الأولى من هذه السنة.
إزاء هذا ، وصف محافظ البنك المذكور ، محمد لكصاسي، الوضع ب"الصدمة" وكأنه يريد أن يقول :"خبز الدار ياكلو البراني".
أكثر من ذلك، تشير الإحصاءات الجزائرية أن 20مليون جزائري يعيشون تحت عتبة الفقر في بلد يتباهى حكامه بأن مواردهم النفطية ستبقى خالدة إلى الأبد. ومع ذلك الفقر معشش في كل ركن. وإإذا كانت كل الدول العربية ، التي لها احتياطات مهمة من النفط والغاز، توفر لشعوبها مستوى جيدا من العيش ، فإن الجزائر فضلت أن "تعطي خيرها لغيرها" . هذا الخير الذي يتم صرفه على السراب بينما شعبها يعيش الفقر المدقع.