في إطار الإستعدادت القبلية الجارية استعدادا لمواجهة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، المزمع إجراؤها لتفعيل مضـامين الدستور الجديد، يقوم أعضاء كل فريق مهتم بنتائج هذه الإنتخابات وباختلاف تلاوينهم، بالتسخينات الأولية من أجل النزول إلى حلبة الصراع الانتخابي بهدف اقتطاع نصيب من الكعكة السياسية أو من أجل هدم أوتاد خيمة الحقل الانتخابي تجسيدا لشعارات براقة، لكن هذا البريق يخفي تحت لمعانه سكينا ذو حدين (صنفين من السياسويين). الأول يتوخى الإجهاز على الآلية الأساسية للعملية الديموقراطية المتمثلة في عملية “الإنتخابات” لخلق البلبلة والمحافظة على وضع اجتماعي متوتر لإلهاء الدولة وأجهزتها حتى يتسنى له ممارسة مراهقته الثورية، متناسيا أن هذه الاستيهامات الثورية قد كلفت شعوبها مآسي إنسانيـة. وما علينا إلا التذكير بالحكام/الثوار/قاتلي شعوبهم بمنطقتنا العربية مثل مدمر شعبه (القذافي) والأسد على شعبه/الأرنب في الجولان (بشار شؤم السوريين)، ناهيك عن علي عبد الله الغير صالح لليمنيين. فطول فترات حكم أنظمتهم التي تجاوزت الأربعة عقود، لم تجن هذه الشعوب العربية الشقيقة من حكامها (الثوريين) إلا المذابح والتنكيل والتقتيل في أوساط بني جلدتها مقابل الانبطاح المخجل أمام أسيادها (أمريكا وإسرائيل).
وفي نفس الصف العدمي يتأهب أصحاب العمامات للتموقع و إعادة الانتشار في المسيرات في محاولاتهم المتكررة للركوب على الحركة الشبابية التي انطلقت يوم 20 فبراير 2011.
وتكمن خطورة هؤلاء الأصوليين في استغلالهم للمعتقد المشترك والمتمثل في الدين الإسلامي الحنيف لأغراض سياسية تتغيى الإنقلاب على الحكم بالمغرب، وإرساء دولة خلافة ترجع بنا 14 قرنا إلى الوراء والتي يزعمون أنها فريضة على المسلمين. فإذا كان المعتوه القذافي يرفع شعار “دقت ساعة الزحف: إلى الأمام”، فالأصوليون يعكسون هذا الشعار بالزحف إلى الوراء!! وعوض تنزيه الدين الإسلامي الحنيف عن كل المنزلقات السياسية، يتم استغلاله من طرف الأصوليين لأهداف سياسوية ومادية على شاكلة القيمين على الكنيسة الكاثوليكية خلال القرون الوسطى. وبالتالي فهم يطمحون لإرساء بابوية جديدة بالمغرب، خصوصا بعد فشل النموذج الإيراني والطالباني والسوداني… ومن أجل تحقيق أهدافهم المبيتة، فهم لا يتورعون في الانحناء للعاصفة المتمثلة في رفض الشعب المغربي الوسطي و المعتدل لهم، ممارسين تكتيك “التقية” إلى حدود انقضاضهم على السلطة فيعيثون في البلاد ترهيبا. ولا تزال آثار نظرائهم بادية للعيان في أفغانستان التي عانت من ويلاتهم و تخلفهم، بعد أن قاموا بهدم آثارها التاريخية و مسخ كيانها لدرجة التخلي الوشيك لأمريكا عنها بالرغم من موقعها الجيوستراتيجي، حتى بعد أن تسلمتها في عرض مجاني بعد “تقاتل الإخوة المجاهدين”.
وكما أذاقوا شعب السودان عذاب 25 سنة من الحرب الأهلية التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، ولم يهنأ بالهم حتى نجحوا في تمزيق أوصال الوطن السوداني والدفع بشعبه (في الجزء الجنوبي) إلى خيار الانفصال لوقف مسلسل الدم الذي يفتك بهم . أما عنوانهم الأكبر، وهو ما اصطلح عليه بالثورة الإيرانية وقائدة “الصحوة الإسلامية”. فلا ضرار بالتذكير ببعض المحطات الدموية التي طبعت مسارحكم الملالي بإيران. فقبل سقوط حكم الشاه، قام تحالف بين حزب تودة (الشيوعي) الإيراني وجماعة الملالي التابعة للخميني المقيم أنذاك بفرنسا، وقد كان تحالف “الكاماراخ” هذا يهدف إلى إسقاط شاه إيران وتأليف حكومة وحدة وطنية، لكن أصحاب الخميني، وبمجرد هروب حاكم إيران، بدؤوا في استئصال مناضلي الحزب الشيوعي الإيراني وكذا التنكيل بجميع السياسيين التقدميين الإيرانيين. والنتيجة 32 سنة من حكم ولاية الفقيه كمقرر أساسي و وحيد في مجال السياسات العامة للدولة الإيرانية، مما نتج عنها عزلة دولية وقمع وسلب حريات أبناء الشعب الإيراني مع تبذير مقدراته ..