أحمد العمراني*
لم يكن تتويج الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي، بالجائزة الأممية لحقوق الإنسان، مفاجئا، بالنظر لما يعرفه المغرب من مسار ديمقراطي يرفل في تعزيز حقوق الإنسان، ولا يكفل فقط حرية التعبير والتظاهر، بل حتى استضافة مؤيدي الأطروحة الانفصالية.
ما بدا نشازا بعد جائزة الرياضي، هو أن "سُرّاق" الإنجازات الحقوقية التي يحققها المغرب، قفزوا على حدث التتويح، ولهم في ذلك مآرب أخرى، ليتحدثوا عن ما أسموها "صفعة" ضد "شعارات العهد الجديد" و"زيف" الخطاب الرسمي، و"دستور 2011"، مُتناسين أن "شعارات العهد الجديد" هي التي ضمنت للرياضي جائزتها الحقوقية.
وهي ذات الشعارات التي ضمنت حرية التظاهر صباح مساء أمام البرلمان وفي جلّ شوارع المملكة، واستضافة مؤيدين للأطروحة الانفصالية في ندوات حقوقية بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وانتقاد المؤسسات الرسمية عبر الجرائد الورقية والإلكترونية وباقي المنابر الإعلامية في مناخ متقدم لحرية التعبير.
أما الخطاب الرسمي فهو الذي بشّر بتوصيات تجربة " المصالحة والإنصاف"، التي تم تفعيلها وترسيخها في دستور يوليوز 2011، والذي تساهم العديد من فصوله في تحصين الأجيال القادمة من تكرار الممارسات السابقة.
سُرّاق الإنجازات الحقوقية للمملكة، لم يتساءلوا فقط عن غياب "تهنئة ملكية" للرياضي، بل لمّحوا أيضا إلى وسام ملكي تستحقه الناشطة الحقوقية المذكورة، وكأن الأوسمة الملكية لم تعلق ذات يوم على صدر حقوقيين من طينة عبد الرحيم الجامعي وعبد العزيز النويضي.. وآخرين مثل الراحل إدريس بنزكري.
تبدو جائزة الأمم المتحدة، تتويجا لجهود الرياضي في قضايا حقوقية أبرزها عدم الإفلات من العقاب والمساواة بين الجنسين وحريّة التعبير، لكنها أيضا تتويج لما يعيشه المغرب من إصلاحات ديمقراطية حقيقة ومن منجزات حقوقية وضع لبنتها الأولى الملك الراحل الحسن الثاني حينما تم إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، قبل حوالي ربع قرن.
ثم تلتها إنجازات أخرى، أبرزها هيئة الإنصاف والمصالحة التي أطلقها الملك محمد السادس، باعتبارها مبادرة فريدة من نوعها في العالم العربي واستلهمتها العديد من الدول في تجاربها الديمقراطية.
* باحث مغربي.