محمد الشرقاوي البزيوي*
تاريخ المغرب متنوع بالعادات والتقاليد، ومرد تنوعه هو الإختلاف والإمتزاج الحضاري فيه، فالتعدد الثقافي بوجود عدة عناصر، أمازيغ، عرب، يهود… ساعد في تلاقح العادات و انسجام التقاليد رغم اختلافها، ثم انصهارها لتكون ثقافة و هوية المغربي الضارب في التاريخ، و من بين العادات القديمة بالمغرب هناك عادة عاشورا.
عيشوروالشعالة :
يبتدئ الاحتفال في اليوم الأول لشهر محرم، ويستمر الإحتفال إلى غاية يوم العاشر منه وفي ليلة العاشر من المحرم تكون ليلة الشعالة وتقوم النساء بإرسال شعورهن ويتجولن في الأزقة ويغنين :
الليلة ليلتو يالال حادة.
الليلة يموت لعدو يالال حادة
ولايني كديدة ملوية على العواد
وليني عيشور مشى يصبن وداه لواد .
وفي أكلة العشاء يهيئ الكسكس بلحم القديد (الكديد) وفي صباح اليوم التالي تكون عادة “زمزم” بين الأطفال ويتوجه الكبار إلى المقبرة لرش قبور موتاهم بالماء .
عاشوراء طقس يبرز فيه دق إسلان:
ارتبط دق إسلان عموما بالحرفيين، (الخرازة، الحدادة، الجباصة، النجارة….) فقد كانوا يرفهون عن أنفسهم بهذا الفن “دق إسلان” وهي دقة شبيهة بالدقة المراكشية مع اختلاف في الإيقاع، وكانت مناسبة عاشوراء من كل سنة فرصة لإبراز كفاءة أرباب الحرف في الدقة. وتستمر سهراتهم وزياراتهم إلى بيوت كرماء الحواضر المغربية العتيقة كبجعد مثلا 10 أيام (الفقرا، الشرفاء)، بعدها بفترة قصيرة يتم احتفال الحرفيين بما جمعوه من مال، ويساعدون ببعضه المعوز منهم والمحتاج.
هذه العادة كغيرها من العادات القديمة بالمغرب، أصبحت تنقرض انقراض الديناصورات، بل عوضت بالمفرقعات الصينية، وتحول الطقس من تقليد يحيي التاريخ، إلى ألام للأطفال الصغار، وانفطار قلب الكبار، وذلك لعدم وجود وعي ثقافي يتبلور في محاضرات وعروض تعكس نمط عيش المغربي عبر عصوره التاريخية، وتحيي في الناشئة عبق التاريخ وحب الوطن بعاداته وتقاليده وموروثه وما أنتجه السالفون من الأجداد، حتى تبقى عبرة ومجدا للقادمين من أبناء هذا الوطن الكريم.
باحث في التاريخ والأنتروبولوجيا*
Mohammed.cherqaoui1@gmail.com