في غمرة الحملة الشرسة الضالة التي يشنها النظام الجزائري، يخرج صوت يصدع بحقيقة المعركة الطائفية : معركة المواقع التي بدأت تستعر في أركان النظام، بين الرئيس المرشح المريض عبد العزيز بوتفليقة والجنرال محمد مدين الملقب بتوفيق، قائد جهاز المخابرات والأمن الذي يسيطر على كل شاذة وفادة في البلاد. إنه صوت الكاتب والصحافي والمخرج الجزائري محمد صيفاوي، الذي فتح هذه الأيام نافذة في صحيفة ّ"هوفينغتون بوست" الأمريكية يطل منها على مواطنيه وعلى الرأي العام العالمي ليحدثهم منها عن حرب المواقع في الجزائر التي يصفها بأنها من إحدى الصراعات الطائفية الأكثر خطورة منذ الاستقلال التي شلت بلدا لا يعرف إلى أين يتجه، وحولت مجتمعا إلى ملاحظ سلبي غير قادر على أخذ مصيره بيده. هذا هو الوصف الذي قدمه صيفاوي عن بلده الجزائر الذي سبق أن ألف كتابا سنة 2012 بعنوان "التاريخ السري للجزائر المستقلة، الدولة ـ مديرية المخابرات والأمن" يقول فيه صيفاوي أن حرب المواقع، الصامتة لحد الآن، التي يخوضها الرئيس بوتفليقة ضد قائد جهاز المخابرات الجنرال مدين، تبقى أبعد من أن تكون معركة ديمقراطي في مواجهة بوليسي، بل على العكس هي محاولة إحلال ديكتاتورية طغمة عسكرية بديكتاتورية طائفة مستبدة وانتهازية تمثلها طائفة بوتفليقة : عبد العزيز الرئيس، وشقيقه سعيد رجل الظل. ولم يخف محمد صيفاوي مرارته في رؤية رئيس ـ مرشح جد مريض، لم نقل عاجزا، يحوز على "حق" الحصول على ولاية رابعة بدون أن يكلف نفسه عناء القيام بحملة أو تقديم حساب أو برنامج. ليخلص إلى استنتاج مفاده أن الجزائر عاجزا عن المشي والكلام. يرى صيفاوي أن الأمر ليس بهذه السهولة؛ فمن المؤكد أن بوتفليقة يحظى بدعم خارجي، خاصة من أمريكا من أجل تقليم أظافر باترون المخابرات والأمن، توفيق، ثم يخلو له الجو لبناء نظام مطلق ينتهي بالإخضاع التام للجزائريين بعد أن ظلوا سنوات طوال عرضة لتجاوزات مديرية المخابرات والأمن التي كانت وراء سيادة الزبونية والقمع ومختلف أشكال النخاسة. وكل هذا من أجل هدف وحيد وواحد يتمثل في وضع اليد على المداخيل التي تدرها المحروقات، لأن بوتفليقة وطائفته يريدون قسمتهم من الكعكة بعد أن ظل الجنرالات المستفيدون الوحيدون منها زمنا طويلا، بقوة السلاح. يذهب صيفاوي إلى التعبير عن تخوفه الشديد من حصول حمام دم بالجزائر، سيكون الشعب الجزائري أول ضحاياه إلى جانب أنه الضحية الدائم لحكامه، مع تأكيده أن الجنرال توفيق لن يظل صامتا ومكتوف اليدين أمام هجمات بوتفليقة، بل إنه لن يتردد في الرد بأكثر الطرق دموية بمجرد ما أن يعلن بوتفليقة ترشحه الرسمي لولاية رابعة. إنه فيلم غريب من أفلام رعاة البقر على الطريقة الأمريكية يجمع بين توفيق وبوتفليقة؛ "الفظ" و"اللص"، لكن ليس بينهما "الطيب".