أنا ضد الإرهاب و مشروع الإرهاب ، و لا يمكن لأي صحافي يمتهن حرفة الكلمة و نقل الخبر و تنوير الرأي العام أن يكون جزءا من مشاريع الظلام و القتل أيا كانت عناوينها و مبرراتها ) : على أنوزلا .
(1 )
يشكل الزميل والصحافي المتميز علي أنوزلا علامة فارقة في راهن الإعلام المغربي والعربي ، بفضل القيم المضافة التي بثها في منجز الكتابة الصحفية . و تجسد صحيفته الإلكترونية (لكم ) انطلاقة إعلامية نوعية ، أحدثت هزة محرقية في محيط إعلامي بالغ الركود و الاجترار و النمطية ، ففي مدة زمنية محدودة (ثلاث سنوات ) تمكنت هذه اليومية الإلكترونية أن تستقطب أعدادا قياسية من القراء المغاربة و العرب ، لا لشيء إلا لأنها نهجت سبيل الصحف الدولية فائقة التطور و الانتشار ، و يتمظهر هذا السبيل في الالتزام بالموضوعية و الحياد و الجرأة المسؤولة ، و إفساح المجال لكل الحساسيات و الانتماءات الأيديولوجية و السياسية دون تمييز أو إقصاء ، للتعبير عن مواقفها الوطنية و الإقليمية و الدولية ، و الدفاع عن القيم الديمقراطية المتعارف عليها دوليا إلى أبعد مدى ، كل ذلك من أجل المساهمة في بناء مغرب الغد ، و بلورة نسق سياسي حديث بحصر المعنى ؛ يضمن للمواطن الحرية و العدالة و الكرامة و المساواة ..
(2 )
و في خضم مواكبة ما يحفل به العالم من أحداث جسام ، و في سياق القيام بمهمة إخبار القارئ بالمستجدات العصيبة ذات الصلة بالدولة المغربية ، نشر موقع "لكم" رابطا بشريط فيديو يحمل عنوان : المغرب : مملكة الفساد و الاستبداد ، فيه انتقاد واضح للنظام الملكي و دعوة صريحة إلى شباب المغرب من أجل الجهاد ، تم اعتقال مدير الموقع بتهمة ( تقديم المساعدة عمدا لمن يرتكب أفعالا إرهابية و تقديم أدوات لتنفيذ جريمة إرهابية ، و الإشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية ) . و قد حظي علي أنوزلا بتضامن الإعلاميين المغاربة و العرب و الدوليين أثناء مدة اعتقاله و بعد إطلاق سراحه المؤقت ، كما وصلت قضيته إلى منظمات حقوقية عالمية وازنة ، طالبت بالإفراج عنه دونما اشتراطات مسبقة .. للمكانة المرموقة التي يتصدرها في مهنة صاحبة الجلالة ، و لما عرف به من نبل الأخلاق و صفاء المعاملة .
(3 )
و لئن كنا نتفهم بعض التفهم تسرع الدولة و وزارة العدل خصوصا ، وقرارها وضع الرجل داخل السجن تحت ضغط الملف الإرهابي ، الذي يقض مضجع كل الدول و المجتمعات علا شأنها أم قل ، لما يشكل هذا الملف من حساسية بالغة الخطورة في سياق إقليمي و عالمي موسوم بالمخاطر القابلة للانفجار في أية لحظة ، و لئن كنا ندرك تمام الإدراك أن الزميل على أنوزلا لم و لن تكون في أجنداته نوازع التطبيع الإعلامي مع الإرهاب في مختلف تجلياته ، بل كان يروم إخبار المواطنين المغاربة و تحسيسهم بالمخاطر التي قد تنجم عن مغامرات إرهابية مجنونة تأتي على الأخضر و اليابس ، و تعصف بالمكتسبات السياسية و الأمنية و التنموية .. رغم تواضعها ، فإننا في المقابل لا يمكن أن نستسيغ امتعاض و غضب بعض " أصدقاء " زميلنا أنوزلا من " حقوقيين " و " إعلاميين " و " سياسيين " ، راهنوا على استمرار الاعتقال و التصعيد الحدي من أجل تنفيذ مهماتهم القذرة و المتمثلة في السفريات عبر الجهات الأربع للعالم و " النضال " من أجل إيذاء الوطن ، و العمل على إظهار المملكة المغربية كأنها من جمهوريات الموز ، بل هناك بعض الصحافيين المعتزين ب " علاقاتهم الدولية المتعددة " و المحلقين في فضاء الأوهام ، الذين " طالبوا " المنتظم الدولي بإعادة النظر في علاقته مع المغرب ، لا بل إن منهم من نسي حجمه الحقيقي و " دعا " إلى تجريد المملكة المغربية من وضعها المتقدم الذي حظيت به من قبل الاتحاد الأوروبي .
و هكذا لم تعد القضية عند هؤلاء المناضلين الحقوقيين " الكبار " هي الدفاع غير المشروط عن الصحافي المتابع ظلما بتهم ثقيلة ، بل أضحى الموضوع هو تصفية الحساب مع النظام السياسي الذي هم أصلا في صراع ممنهج معه ، و ليذهب الوطن و صديقنا على أنوزلا إلى الجحيم ! .. أملنا كبير في أن تسفر المحاكمة عن براءة الرجل من التهم المنسوبة إليه ، و يعود إلى أسرته و أصدقائه الأوفياء ليستأنف مهمته النبيلة في تنوير الرأي الوطني و المساهمة في بناء وطن يسع كل أبنائه ، في مناخ مجتمعي سليم من المماحكات السياسوية و " الحقوقوية " غير المجدية .
الصادق بنعلال كاتب من المغرب.
sadikbenallal@hotmail.fr