تساءلت صحيفة الجزائر الوطنية "هل ما زال الملك محمد السادس يحكم المغرب؟"، مخلطة شعبان برمضان، وفعلت مثلما يفعل الجمل الذي ينظر إلى سنام الآخر دون أن ينظر إلى نفسه، وكان عليها أن تطرح هذا السؤال بطريقة أخرى "هل ما زال بوتفليقة يحكم الجزائر؟ وهل يحكمها فعلا؟"، أما المغرب، فإن الجزائر ومن خلال نظرتها التي تعود إلى ستينيات القرن الماضي فإنها غير قادرة على فهم طبيعة الحكم في المغرب وكيف يسير. ولو قرأت الصحيفة المذكورة الدستور المغربي مرة واحدة لأحجمت عن مقالها التافه، ولكن لا عيب ولا تثريب على صحيفة تعيش تحت نظام حكم دكتاتوري يديره خمسة جنيرالات يسيرون بالريموت كنترول رئيسا لا حول له ولا قوة، فهي لا تعرف من أنظمة الحكم غير حكم دكتاتوري عسكري، وبالتالي هي تمزج بين الملك وبين الحكم، فالملك شخصية دستورية لها مهام ووظائف، وهي تمثل مؤسسة تسمى المؤسسة الملكية التي لها صلاحيات محددة دستوريا كما لرئاسة الحكومة صلاحيات مختلفة. وبالتالي فإن الجواب عن السؤال الجزائري المغرض هو أن الملك محمد السادس هو من يحكم المغرب من خلال الصلاحيات الدستورية المخولة له. فالملك يحكم المغرب ليس بمعنى الحكم الذي يمارس في الجزائر، ولكن الحكم كما تخوله الصلاحيات المحددة، وهو الراعي للأمن والاستقرار وهو الضامن لاستمرار المؤسسات، والحكم عنده يعني أنه يجوب المغرب طولا وعرضا في إطار بناء المؤسسات وتأسيس المشاريع المدرة للدخل، وليس الحكم كما يمارس في الجزائر هو بيع الثروة النفطية وتوزيعها بين المؤامرة ضد المغرب وحسابات الجنيرالات. صحيفة الجزائر الوطنية ترى بعين واحدة أو هي حولاء أصلا. تتحدث عن بضع زيارات يقوم بها الملك للخارج ولا تتحدث عن عشرات الزيارات التي يقوم بها الملك داخل أرض الوطن في إطار مهامه ووظائفه. وتساءلت الصحيفة بشكل ماكر من يدير المملكة أثناء غياب الملك بالخارج؟ هذا سؤال يطرح على الأنظمة الدكتاتورية التي لا ينبغي أن يغادرها الحاكم الحقيقي الجالس ببزته العسكرية طوال السنة يفبرك المؤامرات، أما المغرب فهو دولة المؤسسات التي تعرف كل مؤسسة وظيفتها بدقة وتمارس صلاحياتها الدستورية بسلاسة وليس حكم شخص واحد كما يعتقدون.