خلال مؤتمر عقدته الجمعية العالمية لنساء الراديو و التلفزيون بمدينة الدار البيضاء الأسبوع الماضي بشراكة مع شبكة النساء الصحافيات بالمغرب و حضره عدد من الأسماء البارزة في عالم التلفزيون والصحافة، تم التطرق لعدد من المواضيع التي تهم العمل الصحفي والأخطار المحدقة بمهنة المتاعب. و في لقاءات جانبية و أثناء دردشة ثنائية لم يفت إحدى الصحافيات من الشرق الأوسط من طرح السؤال الأزلي 'يا أختي شو مالكم انتو و الجزائر؟ ليش ما تلاقو حل للصحراء و تخلصونا؟ هي شو القصة بالضبط؟
لو توفرت للمغرب خيارات للخروج من وضع يترنح بين التأزم و التازم لكان قد حسم أمره واختار حلا يرضي الجميع.... حل يحفظ لنا علاقات طيبة مع الجزائر تعكس ما يكنه كلا الشعبين من محبة وود لبعضهما البعض. ولكن يأتيك قصر المرادية بما لا تشتهيه طموحات شعبي المغرب و الجزائر.
ان الجهد الكبير الذي تقوم به الجزائر و بكل سخاء لحبك سيناريوهات التشويش لم يعد ينطلي على أحد.. فالانفصاليون الصحراويون الذي يخدمون أجندة الجزائر يتلقون رواتب شهرية بتعليمات واضحة وصارمة تبدأ باستفزاز رجال الأمن اثناء قيامهم بعملهم لحفظ النظام إلى استغلال المواقف إعلامياً للتحريض وكسب تعاطف مؤسسات حقوق الإنسان الدولية و بشكل ممنهج لخدمة أطروحة الانفصال.
أن قضية الصحراء تعتبر معركة مصيرية بالنسبة للمغرب و المغاربة جميعاً من اعلى هرم في السلطة جلالة الملك محمد السادس الى الأحزاب والإعلام وكذلك النقابات وجمعيات المجتمع المدني وغيرها من الجهات الفاعلة. وللرد على سؤال الإعلامية الشرق أوسطية : فالصحراء هي جزء لا يتجزأ من المغرب تبلغ مساحتها ما يقارب 50 في المائة من إجمالي تراب المملكة. والمغرب يستمد شرعيته من معطيات تاريخية تثبت أن الأقاليم الصحراوية كانت تجمعها علاقات قوية في حركية دائمة عبر الزمان و المكان في كافة مناطق المغرب بدليل أن عدد كبير من العائلات شمال المغرب ، او كما يروق لاهل الصحراء تسميتنا باهل الداخل، تتحدر جذورها من الصحراء. كما أن روابط 'البيعة' التي كانت تقام بين ساكنة هذه المناطق وملوك الدولة العلوية تعود إلى قرون عدة على غرار باقي قبائل و مناطق المملكة. أما الروابط الدينية 'فحدث و لاحرج ' ، فهي روابط يصل مداها إلى ما بعد مالي و السنغال.
من الطبيعي أن تصب الجزائر كامل تركيزها و جهدها للتشويش أولاً على مبادرات المغرب الذي يسعى الى إيجاد حل وفق مشروع الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة وتمت الإشادة به من قبل العديد من الدول المتقدمة والمنظمات الدولية. وثانياً التشويش على همة وعزيمة المغرب في المضي قدما لتطوير اقتصاده وتحقيق مسيرة التنمية التي سطرها.
وبدلاً من العمل سويا لتحقيق تكامل اقتصادي يوفر الرخاء لأبناء البلدين ورفع التحديات التي تواجه المنطقة، خاصة الساحل والصحراء، والمتعلقة اساسا بتنامي الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات والهجرة غير الشرعية وغيرها من القضايا التي تؤثر على استقرار البلدين .. تفضل الجزائر جر المنطقة إلى ما لا يحمد عقباه.
ان موقف الجزائر من المغرب و من ملف الصحراء تحديدا ، و الذي عبر عنه الرئيس بوتفليقة مرة اخرى في لقاء ابوجا بنيجيريا، ليس بالموقف الجديد. ان الجزائر التي طالما رددت في المحافل الدولية ان لا علاقة لها بشكل مباشر بنزاع الصحراء ، ها هي كل يوم تكشف عن وجهها الحقيقي وتتصرف بشكل غير محسوب و تدفع الى مزيد من توتر وتدهور و احتقان العلاقة بين البلدين بسبب تصريحات يصح ان نصفها بالعدائية ما دامت تمس سيادتنا ووحدتنا الترابية.
ان قرار استدعاء سفير المملكة للتشاور هو استدعاء للتعبير عن الاحتجاج .. قرار يعبر بشكل جدي و صريح عن استياء المغرب من الجارة الجزائر جراء تصريحات الرئيس بوتفليقة ..صح المثل القائل 'مجنون يحكي و عاقل يسمع' لكن الى متى؟