عزيز الدادسي
في زمن كان لنضال الأفكار مساحات شاسعة للعطاء والتضحية انطلاقا من منظومة ثقافية وسياسية واضحة المعالم، خصوصا في لحظة الصراع بين الخط الأحمر والمد الليبرالي في العالم، وفي لحظة الحرب الباردة، ورغم أن المغرب عرف لحظات صعبة نتيجة لهذا المد، خصوصا في السبعينات والتي عالجت هيئة الإنصاف والإنصاف مختلف فصوله، وبعد انتهاء "النضال" من تأدية مهامه الثورية من هذا الجدل بين القيم والأفكار...إلا أنه اليوم مازال هناك من بقي رهين وحبيس فكر دوغمائي يعشعش فقط في عقله، وفي مغربنا هناك البعض ممن حوّل حياته، وللأسف، إلى ساحة للنضال الطبقي ونضال منتصف الليل والذي تتخذ قراراته في الحانات.
سياق هذه الأفكار، هو ما أصبحنا نلاحظه وبشكل بديهي في كل وقفة احتجاجية تضامنية تخص حرية التعبير أو تخص "ركوب" هؤلاء المناضلين على أي حدث قد يقع هنا أو هناك، ومن بين ما نستحضره اليوم هو الأستاذ الجامعي والصحافي "فوق العادة" عبد اللطيف حسني، صاحب مجلة " وجهة نظر"، الذي لا يترك أي مناسبة إلا و يسجل "مواقفه الصبيانية"، بعد أن يكون "منغما" بكؤوس "الثورة البائدة"، وهذا ما حدث مساء يوم الاثنين بقاعة المهدي بنبركة بحي المحيط بالرباط، لما حظر السيد حسني إلى القاعة وفي بابها سأل أخت انوزلا ليلى، عن وجود علي بالقاعة، وبعد علمه بعدم حضور علي انوزلا غادر حسني متأسفا إلى اقرب حانة قريبة بالقاعة لشرب كؤوس، بدون أن يكلف نفسه عناء دخول القاعة وسماع كلمات المشاركين، لكن "الثائر" حسني غادر بدون رجعة في انتظار تحقيق ثورة "الكامون" في عالم افتراضي وفي "وهم" يشارك فيه حسني أصدقاءه من الأمير وغيره.
فالسيد حسني، فعلا وحسب مقربيه، لا يعرف ما يريد، حول نفسه ومجالسه الخاصة إلى طاولة لمقارعة النظام ومحاسبة "المخزن"، ونقد "المجتمع" وتسليط لسانه بخطاب تشاؤمي على الجميع، دون أن يقدم لنا السيد حسني البديل وهو الباحث الجامعي والخبير في كل شيء، إلا انه جعل من مجلته التي أصبحت لا تغري بعناوينها "الكاذبة" أحدا، بعدما تركه جميع الذين كانوا يكتبون بدون مقابل، لكون صاحبها يريد الحصول على أموال المجلة لنفسه فقط، رغم دعم صديقه الأمير الأحمر.