احتارت جماعة العدل والإحسان في اختيار الألفاظ وهي تدبج موقفها من الأحداث الجارية في ليبيبا بعد دخول الثوار إلى طرابلس، وسبب هذه الحيرة هو أن الجماعة مرغت كل مواقفها في الوحل، فهي كما تدعي أنها ضد الاستكبار العالمي ولولا طائرات هذا الاستكبار العالمي لما تمكن الثوار من حسم الموقف لصالحهم، فكيف تحولت قوى الاستكبار العالمي اليوم محط أنظار جماعة العدل والإحسان التي هللت لسقوط الطاغية معمر القذافي، فليس الأمر هنا نقاش حول سقوط القذافي وهو أمر كان منتظرا ولكن إلزام للقوم بما التزموا به. طبعا القوم التزموا علنا وخانوا التزاماتهم سرا، فالعدل والإحسان التي تلعن الاستكبار العالمي نهارا تجلس معه ليلا وتتفاوض معه على الوطن من وراء ظهر الجميع، وربما لهذا السبب هللت بسرعة لسقوط القذافي حتى قبل أن تعرف توجهات النظام الجديد، فالعدل والإحسان التي تقول شعاراتها لا للتعامل مع الخارج هي نفسها التي تجلس مع ديبلوماسيين أمريكيين وعناصر من السي أي إي، وبالتالي ليس مشروطا لها أن ينتصر الثوار اعتمادا على قدراتهم الذاتية ولا بأس أن تكون أمريكا هي من ساعد إلى سحق القذافي. واختارت جماعة العدل والإحسان توزيع الرسائل هنا وهناك بمناسبة انهيار نظام القذافي، وكلما حدث حادث من الحراك الاجتماعي والسياسي العربي إلا وقالت الجماعة "شفتو اللي قلت ليكم"، وهي لا في العير ولا في النفير ولا يهمها ما يحدث في ليبيا لأن من قاد الثورة ليسوا من جماعات الإسلام السياسي، وبعد غد سترى الجماعة مولية وجهها بعد أن يتضح شكل النظام لأن الجماعة لا ترى في جماعات اليساريين والليبراليين وعموم المناضلين سوى حطب الثورة أما الذي ينبغي أن يحكم فهم الطليعة المجاهدة التي لم تكن حاضرة بليبيا وإنما كانت انتفاضة شعبية تبناها العديد من رموز النظام السابق المنشقين. وفرحة العدل والإحسان بسقوط القذافي هل هي رسالة إلى الغرب "الكافر" المستغل لخيرات الشعوب حسب تعبير ياسين للتدخل في البلدان التي تعرف حراكا سياسيا شعبيا لمساندة المحتجين؟. وما زالت الجماعة ترفض فكرة الاستثناء رغم أنها موجودة وتتحرك منذ زمان في الوقت الذي كان فيها الإسلاميون بليبيا مثل "الجرذان" يقتلهم القذافي في غيرانهم ويذبحهم، لكن عيون الجماعة مغلقة إلا على هدف واحد ألا وهو الانقضاض على الحكم وإقامة حكم ثيوقراطي مكانه لا مجال فيه للتداول والشورى وكذبات ياسين وأتباعه، ولكن المجال للطليعة تحتكم وتحكم المنامات والرؤى. افتتاحية جماعة العدل والإحسان حول سقوط القذافي دليل واضح على توجهات الجماعة لمن ما زال في قلبه ذرة من شك وخصوصا من جماعة 20 فبراير التي وضعت سقفا لمطالبها لا ترضى به العدل والإحسان التي ستسرج خيولها لمحاربة الاستكبار العالمي قبل أن يتحول إلى محرر للشعوب، وأن الجماعة تستغل الظرف فقط لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالمطالب التي رفعتها حركة 20 فبراير لأن الجماعة تنتظر الفرصة التي تعتبرها فرصتها الأخيرة لإقامة الخلافة على منهاج النبوة ونواتها الدولة الإسلامية القطرية بالمغرب.