لمختار لغزيوي.
قصدا اخترنا الابتعاد عن موضوع زميلنا علي أنوزلا منذ البدء. كنا نعرف أن أشياء كثيرة ستتغير في هذا الملف وستقال وستكتب، وأن الزمن الكشاف وحده سيقول الحقيقة للناس. كنا واضحين للغاية منذ اللحظة الأولى وإن عاب علينا كثيرون ممن غيروا مواقفهم الآن وضوحنا: قلنا إن اعتقال علي ومحاكمته بموجب قانون الإرهاب أمر لا يستقيم إلا إذا ثبت فعلا أنه يستحق هاته المحاكمة بموجب هذا القانون، وقلنا قبل ذلك وبعده وفي المنتصف إن نشر فيديو للقاعدة هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا لأن القاعدة لا يمكنها أن تشكل موضوع نقاش فكري أو محل جدال حول الرأي بيننا.
الأمر يتعلق بإرهابيين يقتلون الناس باسم الدين، ومجرد نشر فيديو لهم يطلبون فيه تفجير البلد بساكنته هو أمر لا يمكنه أن يكون محل أي نقاش كيفما كان نوعه، وحتى من حاولوا جرنا إلى السؤال التافه والبسيط حد السذاجة “هل نشر فيديو للقاعدة يعني التحريض على الإرهاب؟” أجبناهم بشكل واضح: هذا الموضوع لا جدال فيه، ونحن اكتوينا مرة سنة 2003 بنار الإرهاب ولن نسمح للظاها أن يمسنامن جديد، وهذه المسألة بالتحديد هي مسألة أمن قومي وأمن للوطن ككل والسلام.
اليوم بدت علامات جديدة في الملف لا بد من التعليق عليها، ولابد من قول بعض الأمور حولها وإن كنا قد قلناها في البداية ونحن نتحدث عن “إغناسيو وبوبكر والآخرين”، وأشرنا قبل الجميع إلى أن يد ثورة الكمون أو الكامون – والأمر سيان على كل حال -واضحة فيما يقع، وتمنينا أن لا يكون علي مجرد كبش فداء يلعب به الكبار ويقدمونه على مذبح صراع لم يقتنع به الشعب المغربي يوما.
اليوم برزت الخلافات إلى السطح، واستل بوبكر الجامعي -وهو صحافي لم يعد صحافيا منذ وقت بعيد، بل أصبح كاتبا خاصا للإحمرار ينتظر قيام الثورة لكي يتولى منصبه الوزاري المقبل- قلمه لكي يعلن من المكان الذي يوجد فيه ألا أحد في العالم يستطيع الدفاع عن علي غيره هو، وأكد أنه يرفض كل التسويات وأن الحل الوحيد لأزمة علي هو أن نقتحم جميعا -مثلما اقتحم أصحاب مرسي في وقت سابق سجنا مصريا- سجن سلا لكي نحرره من ربقة المعتقلات ومن الأصفاد التي تكبل يديه ومن الإسمنت البارد الذي ينام عليه كل ليلة.
طبعا بوبكر لا يعرف هو ومن يأمره من واشنطن ديسي أن السجون المغربية أصبحت تتوفر على أسرة بيضاء ناصعة وأن الإسمنت المسلح غاب عنها، ولايعرف أن الأصفاد لم تعد توضع في الأيدي خصوصا بالنسبة لصحافي له من يعرفونه وله أناس يحملون قصته اليوم لكي لا ينسي ويذوب مثلما يتمنى بوبكر ومن معه في السجون.
الحكاية كلها تتجاوز لحظة الأصفاد والإسمنت المسلح لكي تصبح سؤال علاقة بين الصحافة وبين من يريدون أن يحركوا باستمرا ر الصحافة. وحين كنا نقول غير مامرة إن على الآيدي أن تبتعد وأن تترك ميداننا لنا لكي نحاول إصلاحه قدر المستطاع لم نكن نقول هذا الكلام هكذا ومن فراغ، بل كنا نعنيه فعلا، وكنا نعني به أن على من يتصورون أنفسهم قادرين على لعب أدوار أخرى بالصحافة غير الصحافة هم أناس واهمون، تماما مثلما هو واهم الصحافي الذي يعتقد أنه يستطيع أن يتحول إلى سياسي فقط لأن بعض أهل هذه الحرفة جالسوه يوماووعدوه بشيء ما.
ثم أتت حكاية انسحاب المحامين من الدفاع عن علي لأن قضيته أصبحت تنفرج شيئا فشيئا، وأضحى واضحا أنها ستعثر على مخرج آمن ومشرف للجميع هنا قام من يقومون دائما في مثل هاته اللحظات لكي يعلنوا غضبهم من قرب الإفراج عن موكلهم، ورفضهم للأمر، وتمنيهم أن يستمر الاعتقال
طبعا من يعرفون بعض الشيء المحاماة يعلمون أن وظيفة المحامي الأولى هي العمل على إطلاق سراح موكله.. هذا الأمر في الخيال وفي الأحلام, وفي النظري فقط فبالنسبة لمن يناضلون من وراء ستار كل هذا الاحمرار الهدف هو بقاء علي معتقلا إلى أن تقوم الثورة، وإلا فلا معنى لكل هذا الهراء
الناس هنا فهمت أن المسألة لا علاقة لها بصحافة ولا بحرية صحافة ولا باعتقال صحافي ولا بالنضال من أجل إطلاق سراحه، بل لها العلاقة فقط بتشويه صورة البلد وقد قالها بوبكر الجامعي بكل وقاحة دون أن يخجل “علي اعتقل لأنه صحراوي”. مامعنى هذه الجملة؟
معناها الوحيد أن بوبكر يشتغل وفق الأجندة التي تريد إشعال الصحراء والتي تسابق الزمن قبل وصول شهر أبريل وانتهاء ولاية المينورسو الحالية
لماذا؟
إذا نجيب على هذا السؤال في ركن آخر.