خلقت قضية اعتقال علي أنوزلا، مدير موقع لكم والتحقيق معه وفق مقتضيات قانون مكافحة الإرهاب، أسئلة جديدة حول مفهوم الدفاع وحق المتهم في اختيار من يترافع أمام هيئة المحكمة باسمه، وهل من حق أي محام أن ينصب نفسه مدافعا عن أي متهم حتى لو تم ذلك بالمجان؟ أليس اختيار المحامي أول حق من حقوق المتهم وشرطا أساسيا في المحاكمة العادلة؟ ولماذا يرفض المحامون المساعدة القضائية ويحتجون على وزارة العدل ويتطوعون للدافع مجانا عن آخرين؟ لقد وصلت قضية علي أنوزلا منعطفا حاسما يخلخل مسلمات الجمعيات الحقوقية والمناضلين ولجان التضامن، فأنوزلا ومن داخل محبسه أغلق موقعه الإلكتروني حتى يتفرغ لواقعه الجديد ولأطوار محاكمته، ولما استقدمه قاضي التحقيق لبدء مناقشة ملفه رفض حضور المحامين باستثناء من اختاره هو شخصيا، قبل أن يضطر الآخرون لإعلان انسحابهم من الدفاع عنه. فرغبة علي أنوزلا التي اتضحت هي أنه يريد محاكمة هادئة قانونية يدافع من خلالها عن نفسه وعن براءته كما يعتقد، وجاء هذا التحول بعد أن اكتشف مدير موقع لكم أن من هم خارج السجن يريدون له أن يبقى في المعتقل حتى يتم استغلال قضيته في تحقيق مآرب أخرى لا علاقة لها بإحقاق الحق وبمرور المحاكمة وفق شروط المحاكمة العادلة. فمن حق علي أنوزلا أن يختار من يدافع عنه وأن يختار طريقة الدفاع عن نفسه، وليس لأحد الحق في أن يفرض عليه من يدافع عنه ولا الطريقة التي يتم من خلالها الدفاع عنه، ومن حقه أن تتم استشارته في تأسيس لجنة للتضامن معه أو الدفاع عنه أو المطالبة بحريته، فمن حق المتهم أن يرفض تأسيس لجنة من هذا النوع إذا كان الغرض منها فقط هو الإساءة إليه وربما توريطه أو تعقيد قضيته وإدخالها في مسارات أخرى غير مسارها الطبيعي. فهل استشارت لجنة التضامن مع علي أنوزلا هذا الأخير؟ هل تعرف أنه يريد مثل هذه الضجة أم يريد ملفا قانونيا؟ يبدو أن علي أنوزلا اختار طريقه وهي من حقه. وهو ليس محتاجا لمن يتكلم باسمه فهو قادر أن يصدر البيانات من داخل السجن ليعبر عن وجهة نظره. فلما اختار علي أنوزلا أن يبتعد عن هيئة الدفاع التي نصبت نفسها غصبا عنه ورغما عن أنفه، ولما اختار أن يغلق الباب على ما يسمى الجمعيات الحقوقية التي تاجرت بملفه، ولما اختار أن يبتعد عن لجنة الدعم والتضامن ويقطع الحبل السري مع الصحافي المتنقل عبر دول العالم، على هؤلاء جميعا أن يحترموا رغبته هاته وألا يجعلوا من أنفسهم مظلومين أكثر منه ويتركوه يدافع عن نفسه بالطريقة التي اختارها. فكم من الملفات اختار أصحابها أن تكون قضائية وفي جو صامت وانبرت بعض الجمعيات لفضحها وتسببت في كوارث اجتماعية. لقد اختار علي أنوزلا طريقه في الدفاع عن نفسه فاحترموا رغبته ولا تزايدوا عليه.