|
|
|
|
|
أضيف في 23 أكتوبر 2013 الساعة 24 : 12
إذا كانت المسالة التنموية عموما هي رهان كل الشعوب و التجمعات السكانية في العالم فان عصبها و عمودها الفقري لا يقاس فقط في الوقت الراهن بتوفر الكم الكبير من الأموال أو التوفر على ثراء كبير في المواد الأولية و مصادر الطاقة سواء منها المستخرجة في باطن الأرض، أو التي فوقها، كما انه لا يقاس بالكم الكبير من العناصر البشرية المتعلمة و المؤهلة تقنيا وإداريا فحسب وإنما هي نسق من الروابط بين كل هذه العناصر و الوسائل كاملة. فالمسالة التنموية كما يعلم الجميع هي نسق ومتتالية من الأنساق المتداخلة فيما بينها، اقتصادية، تهدف إلى تحقيق أهداف النماء و الفعالية الاقتصادية، واجتماعية، تستهدف تلبية الحاجيات الإنسانية و الاستجابة لأهداف الإنصاف و التماسك الاجتماعي بما في ذلك قضايا الولوج إلى الخدمات و المرافق الأساسية و الشغل و الثقافة...وهي كذالك بيئية، ترمي إلى الحفاظ على البيئة و الموارد الطبيعية و تحسينها، و هي بشرية تجعل من الإنسان هو المنطلق و هو الهدف في ذات الوقت، وهي كذلك تنظيمية و قانونية وحقوقية. تستهدف الرفع من المستوى الراهن لأي مجموعة بشرية إلى مستوى أرقى و أعلى و فق إستراتيجية معدة سلفا تحدد نقطة انطلاقها من الآني المعيش وما يحتويه من نقط القوة أو الضعف، نحو أفق يتم فيه الرهان على حل مجموعة من الصعوبات التي يفرزها الواقع. إن أهم شيء يجمع مقاربة المسالة التنموية هو العنصر البشري, حيث تجعل من كل الشركاء المجاليين وغيرهم مجتمعين، أو أشتاتا، كل واحد منهم يمكنه المساهمة الفعلية في التنمية المحلية الحقيقية التي تهدف إلى إحداث تغيير حضاري في طريقة التفكير و العمل والحياة عن طريق إثارة التعاون و المشاركة في التفكير و إعداد و تنفيذ المشاريع ضمانا لاستمراريتها، تمكن السكان من تحسين مستواهم المعيشي وفق قرارات يكونون هم المساهمين الفعليين و الحقيقيين في صناعتها هده العلافة المبنية على حسن الإصغاء و التشاور بين القوى الحية في البلاد. وكل من يفكر في تنمية أحادية التفكير، فانه يفكر بمنطق الأصم المستبد برأيه الذي لا يدرك ما حوله .و من هدا المنطلق انخرط المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لتصحيح الاختلالات و المفاهيم الخاطئة التي طبعت فترات ما بعد الاستقلال ففتح باب ورش كبير للتنمية حمل اسم « المبادرة الوطنية للتنمية البشرية » اعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ابان الخطاب السامي التاريخي ليوم 18 ماي 2005 كمشروع ملكي رائد في الدول العربية سطرت شروطه و أهدافه للتنمية البشرية مند أن وضع حجرة اساسه فحمل في ثناياه عدة قيم كالحكامة و الشفافية و تكافؤ الفرص الى جانب الديموفراطية التشاركية و تجاوز ثقافة الاتكالية و غيرها و من خلاله اعترفت الدولة بجراة غير مسبوقة عن الخصاص الاجتماعي المهول و عن التدابير الممكن العمل بها لاجراة هدا البرنامج التنموي و في علاقة خصصت الدولة ابتداءا من سنة 2005 اموال ضخمة لتمويل المشاريع التي تستهدف بالدرجة الاولى خلق ديناميكية جديدة في المجال التنموي و عمل على ترسيخ قيم و ثقافة أصيلة و تنمية مستدامة حيث أنها حققت في وقت وجيز نتائج كبيرة من بينها : أحياء و تنمية قدرات التدبير الجماعي. تنمية القدرات التدبيرية لدى الفاعلين من المجتمع المدني عن طريق اللقاءات إما على الصعيد الوطني أو المحلي. تزكية ثقافة العصر و العولمة عبر مشاريع دقيقة، مهيئة و معدة و مدرة للربح. أعطت فرصة للمرأة للانخراط بإيجابية في المجال التنموي التعاوني و الجمعوي و أعطتها أولوية على صعيد الاستفادة والتدبير أعادت الثقة للشباب في زمن طغت فيه النداءات بالتخوف من المستقبل. الى جانب اعتماد منهجية جديدة في مقاربة المشاكل، عبر اللجوء إلى المقاربة التشاركية، التي تعتبر المواطن هو الفاعل الأساسي في عملية التنمية، ومن تم فهو الوحيد القادر على معرفة حاجياته وتحديدها بدقة متناهية، من خلال تشخيص اجتماعي تشاركي منفتح على مختلف مناهج العلوم الاجتماعية، قادر على تحديد الأولويات الأساسية التي تتطلب تدخلا عاجلا، ويرصد حجم بعض الظواهر الاجتماعية ويمكن من الحصول على مؤشرات من خلالها يمكن تقييم عملية التنمية من الناحية الكمية.و قيام المجتمع المدني بدور الشريك يساهم إلى جانب مختلف مؤسسات الدولة في عملية التنمية، سواء على مستوى التمويل أو على مستوى تدبير عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، بل الأكثر من هذا قد توكل إليه مهمة القيام بتشخيص الحاجيات، بحثا عن انخراط السكان بشكل كبير في مسار التنمية، وبذلك يتم ضمان انخراط المواطن وحضوره في جميع مراحل الإنجاز،مما يفرز نوعا من تملك المشاريع.و نهج سياسة القرب، وذلك عبر إطلاق عدد من المشاريع الصغيرة، ولكن ذات التأثير المضاعف على الساكنة، لكونها تمس مناحي متعددة من حياتهم اليومية، ذلك أن عملية التشخيص خلصت في الكثير من المناطق إلى أن الأولويات لدى الساكنة ليست هي دائما ما يتصوره المسؤول الموجود في العاصمة بل قد تكون أمورا بسيطة وسهلة التحقيق يساعد توفيرها على خلق و لبلوغ هده الأهداف تم توفير مجموعة من الأجهزة و الآليات المؤسساتية التي تتوزع بين ما هو مركزي و ما هو محلي مع إحداث مرصد وطني للتنمية البشرية. والاعتماد على مبادئ الشفافية و الحكامة الجيدة و الديمقراطية التشاركية من خلال اشراك المجتمع المدني ومختلف الفاعلين في المشاريع التنمويةجوا من الراحة، والشعور بالاطمئنان. فكانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نوعا من التخطيط الاستراتيجي، الذي تتم مراجعته باستمرار قصد تكييفه مع مختلف المتغيرات، و الذي يجعل الدولة منفتحة بشكل كبير على المجتمع، عن طريق اقترابها من المواطن، والإنصات المستمر له، وهي بقدر ما تخلق جوا من الثقة بين مختلف الفاعلين، بقدر ما تخفف العبء على الفاعل العمومي في تحمل أعباء التنمية. بل كفل جلالته المفدى –المبادرة برعايته المولوية و توجيهاته النيرة مع دعوته للمجتمع المدني و الفاعلين كل حسب مجال اختصاصه للانخراط فيها من اجل الرفع من وتيرة تطور المجتمع المغربي بمختلف طبقاته و قيمه٬ و درء ما يمكن درئه من أفاته و أمراضه الاجتماعية التي أصبحت تقل نسبه و مظاهره بشكل مطرد. و الاستثمار في العنصر البشري الذي أصبح رهانا يعول عليه في التنمية متجاوزا المفهوم التقليدي القديم للتنمية المرتبط بما هو اقتصادي محض، كما جعلها كثورة إصلاحية عميقة و هادئة تستفز العنصر البشري استفزازا إيجابيا يساهم في بناء مغرب ديموقراطي حداثي بتناغم الخبرة الإدارية من جهة و مجهودات الفاعل المحلي من جهة أخرى في ظل استحضار الحكامة الجيدة. و أضحت ملامح التمدن و التحضر تسود المناطق المغربية و جهاتها بفضل فهم و استيعاب المفهوم الحقيقي للمبادرة الملكية النبيلة، في حين عاشت مناطق أخرى في منأى عن هذا التطور بسبب استغلال المبادرة بشكل خاطئ،بل تفننت في إرساء مبادئ و مفاهيم خاطئة كان القصد منه دائما تحقيق الربح على حساب الآخرين وجعلهم مطية لشهرتهم و نجاحهم ، و آخرون جعلوا منها حلا ترقيعيا و تجميليا،و نسيان أن المبادرة تجعل المواطن المغلوب على أموره الفئة المستهدفة . و هذا ما أصبحت عليه بعض الجمعيات بمختلف توجهاتها و مجال نشاطها بمدينة وجدة التي خلقت مفهوما جديدا للمبادرة و ووضعت مقاييس غامضة لمجالاته بطريق محترفة ، فطمست معالمها و روحها عن قصد أو بجهالة و بالتالي إفراغها من محتواها الإنساني و أهدافها النبيلة كما جعلتها شعارا مستهلكا و مملا لتحقيق مأربها و أفعالها الدنيئة. فكانت حصيلة المبادرة محليا انها لم تعبر عما كان منتظرا ، فجاءت مجانبة للطموح المحلي المتجسد في القضاء على العجز الاجتماعي ، ممانتج عنه ضعف كمي و نوعي في البرامج الاجتماعية المعتمدة، نقص في احترام الأهداف المسطرة، ضعف في التجسيد الفعلي و العملي لمنطق الحكامة في أدوار الأطراف المشكلة لها، أ كانت أطرافا عمومية رسمية، أو أطرافا غير رسمية كالقطاع الخاص أو المجتمع المدني، و استمرارية ضعف تكريس ثقافة الشراكة، و هزالة في عمليات التكوين و تقوية الكفاءات بالنسيج الجمعوي المحلي. بل و عاشت عاصمة الشرق عدة مظاهر صاحبت المبادرة و نسوق كمثل لهذا النوع من الاختلال ما وصل له العمل الجمعوي المحلي و الدي يعد احد اسسها ٬ بحيث كانت جل الجمعيات المتواجدة بالمدينة وليدة تلك اللحظة التاريخية التي استنبطت منها برامجها فاحدتث ثورة جمعوية غامضة بحيث كانت خصائصها سلبية في مجملها كالتالي : • وجود فسيفساء من القناعات المختلفة في اوساط ممثلي هذه الجمعيات و لا يتقاسمون بالطبع قيما مشتركة بل يشكلون تنظيما هرميا يكون فيه رئيس الجمعية حاكمه وواجهته في ظل غياب شبه تام لاعضاء الجمعية الاخرين. • لا تعبر هذه الجمعيات عن مقترحات مشاريع معينة كمراكز اجتماعية و غيرها مما يعني ان الجمعية لم تطالب بالمشروع و لكن المشروع هو الذي يحتاج الى جمعية في مقاربة تشاركية اشبه بالمقلوب . • يتملك المتربعين على رأس هذه الجمعيات احساس جامح من اجل التقرب الى السلطة بشتى الوسائل في علاقة تشوبها الانتهازية و المحسوبية فتشاهد هذه الجمعيات في الصفوف الامامية ابان الاحتفالات الرسمية .هذه الجمعيات التى اوكلت لها مشاريع عرفت حاليا فشلا دريعا بل تمادت النتائج الى تدمير لجل المركبات و المراكز تحت امرتها و التي احدتث و دشنت في ايطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمدينة كمركبات المحرشيالنجدالسمارة و .....لعدة اسباب اهمها عدم تجاوب سكان المنطقة مع هؤلاء المسيرين الدخلاء عليهم الى جانب التلاعبات التي تعرفه معايير بنائها و تسييرها .. هدا الضعف الواضح من طرف هذه الجمعيات المحلية الحديثة العهد المحتضنة للمشاريع التي تفتقد للاحترافية والمهنية والفاعلية في إدارة المشاريع، وغياب التاطير والدعم التقني، إضافة إلى فقدان الإحساس بالمراقبة و بالتتبع مما يؤثر سلبا و بشكل كبير على مرافق المبادرة وبرامجها ويتبين ذالك من خلال التدهور التي تعرفه بنايات المبادرة على مستوى المحلي .كما تم رصد مجموعة من المشاريع التي تم تسجيل فيها عدم الوفاء بالالتزامات من قبل الأطراف المعنية بالبناء و التجهيز. • تعرف مرحلة تقييم المبادرة محليا عدم إشراك حقيقي للجمعيات مما جعل التقييم من قبيل العزف على وتر واحد في التنقيب على نقط الضعف ونقط القوة وكان بذلك إعادة لنفس الأخطاء التي تعبر عن الضعف الذي يعتري بعض المشاريع والتي غالبا ما تعطي أرقام ومعطيات مغلوطة . • حشد و تعبئة المنخرطين و انزالهم بالشارع عشية اقبال المغرب على محطات سياسية كبرى و هذا ما لوحظ اثر المظاهرات التي اقيمت محليا و و نقلهم لمدن الرباط او الدار البيضاء. فأصبحت الجمعيات المستفيدة محليا من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمثابة نواة حزب فعلي غير معلن ٬و بالتالي اصبح التعاطي و التعامل معها يفتقر الى الحد الادنى من الاحترام ٬ بحيث اصبح عدد كبير من الجمعيات المحلية تسخر في امور و برامج لا تدخل في صلب غاياتها الحقة ٬ بل تعتبر مسا بحيادية المجتمع المدني و بالادوار المنوطة به فاصبحت حاليا تخلق لنا واقعا كالذي عاشته بلادنا في الثمانينات اين برزت جمعيات السهول و الهضاب و الاودية لضرب الجمعيات الثقافية الجادة التي مثلث امتدادا لاحزاب المعارضة في ايطار الصراع للسيطرة على المجتمع . كما أصبحنا بوجدة نسمع على جمعيات تنظم حفلات فنية و مهرجانات صاخبة في ايطار و اشراف المبادرة ٬ و أخرى مآدب و ولائم في أفخم الفنادق و المركبات بشكل مسرف و باذخ تحت غطاء انها محاضرات و مهاترات ... ، في حين تتفنن أخرى لتضع نفسها الوصي الوحيد على إشراك و ادماج الأحياء الهامشية في المجتمع الثقافي و الرياضي مستغلة سذاجة الجمعيات النشيطة، و الأخرى الطامعة في الاستفادة من قسمة من كعكة مداخيلها الممنوحة في ايطار الاحتضان و الإشراف من طرف الفاعلين الاقتصاديين و الإداريين السلبيين دون أدنى مراقبة أو حساب، و بطرق يشوبها الغموض و الجهل. فأصبحت الفئات المستهدفة بالمبادرة كدمى تحرك خيوطها يمينا و شمالا بطريقة احتيالية ووعود كاذبة . و مثالا عن ذالك ما وقع يوم 14 يونيو 2013 حيث تم تسخير ما يقارب 48 جمعية و شبه جمعية من مختلف انحاء المدينة في مراسيم تدشين ملاعب منتزه العرفان (انشئ في ايطار اتفاقيات شراكة بين ولاية الجهة الشرقية والجماعة الحضرية لوجدة ووزارة الشباب والرياضة وشركة العمران والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.... ). تحت وعود استغلاله العادل من الجميع و لكن حدث ما لم يكن في الحسبان انه تم اقحامهم لتغطية فشلهم و استدراجهم من اجل التمثيل امام الجميع ٬و خاصة ان فترة التدشين عرفت الزيارة الميمونة للملك محمد السادس نصره الله و ايده للمنطقة و بمجرد نهاية هذه الفترة الوردية تغيرت ملامح المعاملات و تم اغلاق هذا المتنفس امام الجمعيات النشيطة ٬ بل تمادى هؤلاء في منح تراخيص الاستغلال عن طريق المحسوبية و بمعيار من يدفع اكثر ٬و منع حتى من ولوجه لاسباب واهية ٬الا من اصبحوا يعتون فسادا في المدينة من جمعيات نخبوية و اخرى مستبدة الى جانب مدارس بورجوازية خاصة معروفة بنبذها لانخراط ابناء الشعب المغلوب على امره بها عن طريق رفع ثمنه . إن هذه الأعمال المشينة و التي تشمئز منه الأنفس و يتبرأ منها كل من ضحى من اجل الاستمرار الفعلي للعمل الجمعوي الهادف بالمنطقة لدليل قاطع على ما تعيشه بمدينتنا من تداخل الاختصاصات و الفوضى التي أصبح يعيشهاهذا القطاع بالمدينة .فلا يعقل مآدب فاخرة و دوريات شكلية منظمة على الورق ( كالدوري الرياضي بمناسبة ذكرى المبادرة في ربيع السنة الحالية – شهر مارس اذي حضرمقابلته النهائية السيد الوالي بالقاعة المغطاة فحين لم ينظم هو اصلا و الفريقين كلتاهما من مدرسة الشبيبة و الرياضة و قد اقيم حفل ختامه و توزيع جوائزه بالنسيج الجمعوي بحضور شخصيات وازنة باركت العمل الشنيع في حين لم تستدعى اي جمعية حقيقية الا على الورق .... ) نعم دوريات و مهرجانات منظمة بمدينتنا و تسخير كامل لإمكانياتنا التحتية و المادية في حين أن أهدافها الجوهرية هي التبذير و قمة الاستهتار و كذا الغباء الذي يطبع المسؤولين عن التنظيم لهذه الدورات الرياضية و الثقافية الشكلية و الصورية التي تلتهم الأخضر و اليابس من الميزانيات المخصصة لدعم هذا القطاع الجمعوي المحلي بمساهمة أهم الفاعلين الاقتصاديين كشركة: كوكاكولاكوليمو–مرجانالعمران…و مسؤولين عن التدبير الجماعي المحلي (الجماعة المحليةالشبيبةوالرياضة ... ) بطرق ملتوية و بعيدة كل البعد عن الشعارات المستهلكة التي يعملون بكل جهد و تفنن على تسويقها. في حين كان يجدر أن هذه الأموال السائبة أن تكون كمعونة للجمعيات الثقافية و المدارس الرياضية التي تنشط حقا بالأحياء المدارية. أو على شكل تدعيم لإمكانياتها اللوجستيكية و البيداغوجية من اجل صقل المواهب بها و تأطيرهم و ادماجهم في ميدان الشغل الى جانب اصلاح سلوكهم . و لعل ان وجود هذا الكم الكبير من المظاهر و الاختلالات ليعكس بجلاء هشاشة سياسة المسيرين الفاعلين الجمعويين المحليين فيما يخص أهم قطاع يهتم بالشباب و المجتمع المدني ككل لعدة أسباب متداخلة تتحكم فيها لوبيات ظلت تجثم على صدورنا مند عدة سنوات بعد أن خلقت لنفسها سدودا و أفخاخا لكل من يريد الاقتراب من فهم مخططاتهم الجهنمية في طمس معالم العمل الجمعوي و إخراجها من المخططات الوطنية المهتمة بالعنصر البشري كأساس لكل تنمية . فجعلت من المتتبعين الحاليين يدقون ناقوس الخطر معلنين عصر اندحارها و انحطاطها كليا . و يتنبئون بزوال هذه الممارسة الدستورية الحيوية بالمنطقة ككل من وقع الفوضى التي يعرفها هذا القطاع مند أمد بعيد . مما جعلها بمثابة مضيعة للأموال و هدر للطاقات الشابة بعدما أصبح يسيطر على المنخرطين المتطوعين و المستثمرين على سواء حالة من التشاؤم و سوء المصير المعروف مسبقا بعدما أصبحت هذه المنطقة غائبة على الخريطة الجمعوية الوطنية و خفتان بريقها. فكان من بين الأسباب المباشرة دو الصبغة التسييرية المحضة و التي كانت و مازالت تنخر جسد هذا القطاع بشكل متزايد و مطرد.حيث بما لا يدع الشك أن تشخيص مكامن هذا الضعف لا يسعنا إلى الإشارة إلى هذه السيطرة الاستبدادية من طرف مسؤولين تملا قلوبهم الأنانية و الجشع .ففرضوا علينا عنوة هذا الواقع المرير مما جعل منطقتنا غير منتجة و غير نافعة بعدما أصبحوا بمثابة سماسرة القطاع الجمعوي يتفنن كل واحد حسب طريقته في التلاعب بالجمعيات و منخرطيها على سواء غايتهم الوحيدة المال على حساب مستقبل تنمية العنصر البشري بالمنطقة .فأصبحت هذه الأخيرة بمختلف أشكالها و شعاراتها تعيش فوضى عارمة بشكل ظاهر للعيان.فجعلت الجمعيات المحلية بالمنطقة الشرقية تدور في فلك الجمعيات الطفيلية و الضعيفة بحيث تستنزف الأموال و الطاقات الشابة دون هدف أو عطاء بل أصبحت رائدة في ميدان تجارة الرق و السمسرة عن طريق النصب و الاحتيال بعد أن خلقت أسواقا جديدة للنخاسة و تصدير الوهم لممارسيها و ذويهم . و لعل أن هذا الوضع المأساوي للعمل الجمعوي بالمنطقة الشرقية على علاته و أمراضه المزمنة تتداخل فيه عدة أسباب و ظروف جعلتنا نعيش هذه التراجيدية المأساوية و خاصة ما تعرفه الأجهزة الوصية على تنظيم الحقل الجمعوي و تسيير دواليبه محليا من مشاكل مفتعلة و أعمال منافية لمبادئ العدالة الاجتماعية و خاصة ظاهرة الاقصاء الممنهج و المبرمج بشكل خفي او ظاهر للعيان فأصبحت ظاهرة الإقصاء في المجتمع الوجدي من أهم الملامح الذي طبعت ومازالت تطبعه منذ أمد طويل كما أن الهوة الواسعة بين مكونات المجتمع المدني والسلطة أضحت تتسع يوما بعد يوم رغم التوجيهات الملكية الحكيمة والتي دعت إلى نشر وتبني منظور جديد للسلطة سطر له صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده مبادئ إنسانية مبنية بكل دقة وشمولية تحترم فيها حقوق الإنسان وحرياته وتضع روح التضامن والمشاركة كحجرة أساس لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها لأي سبب من الأسباب. لكن المجتمع المدني الوجدي والذي من مكوناته جمعيات تختلف أنشطتها وتوجهاتها أصبحت تئن وتندب حظها العاثر لتوالي سدة السلطة بمدينتهم ( المعينة و المنتخبة ) من ذوي النفوس المنغلقة على نفسها والحبيسة وراء مكاتبها، والمحرمة لأي تنسيق مع هذه الجمعيات أو التشاور معها.كأن وجودها بمثابة حبر على ورق فأصبحت تعاني من الإقصاء المدبر حتى في أمور تهمها وتشغل بالها في حين كان نصيب بعض الجمعيات المحسوبة والنخبوية كل خير رغم المعرفة المسبقة عن نواياها وشعارات المزيفة والتجميلية. فحاليا اندثرت عدة جمعيات بسبب تضييق الخناق عليها وعدم وجود تعاطف معها لفقدانها لأسماء وازنة في مجال المال والأعمال وكذا السلطة تدافع عنها وتدرأ عنها البيروقراطية المتفشية في هذه الجهة المنكوبة. فأصبح العمل الجمعوي مند سنوات بالعاصمة الشرقية يعرف تراجعا على مستوى الفعالية الجمعوية و أضحى الجميع في هذه المنطقة النائية من مغربنا العزيز يتفرج و يتتبع ما سماه بالمدينة ‹‹باحتضار›› هذه الممارسة في غياب المشاريع الجمعوية من ملتقيات ندوات و لقاءات فكرية و تكوينية و غيرها مقارنة مع المناطق الأخرى . و عزت شريحة من الجمعيات أن هذا الاحتضار يتسبب فيه أصحاب السلطة و المسئولين المهتمين بدفعه و خاصة أنهم أصبحوا يقومون بعكسه أي عرقلة جميع المشاريع الجمعوية على مستوى الدعم المادي و المعنوي .كما أن هناك أسباب أخرى مرتبطة ببنية الجمعيات نفسها و التي توجد بعضها على الورق و أخرى مدعومة من لدن أحزاب فضلا عن وجود جمعيات نخبوية تلتهم كل شيء فضلا عن عمل متجرد من الأداة الحزبية و الذاتية على خلفية تطوير الفكر الإنساني ووعيه إضافة إلى غياب أنشطة تهتم بالطفولة و تؤطرها و غياب مبدأ التطوع و الإطارات الجمعوية الاحترافية مما خلق فراغا كبيرا في الساحة الجمعوية بالمدينة . و يعود هذا الاحتباس الجمعوي إلى أفول مجموعة من الفعاليات و الأفكار و المشاريع و المبادرات على مستوى فعاليات المجتمع المدني من جهة و لكون الإطارات الجمعوية المحلية فارغة من التصور و الاستراتيجيات في حين هم محسوبين على العمل الجمعوي من جهة أخرى . بالإضافة إلى واقع الحريات العامة عبر الحصار و المضايقة للجمعيات و كذا التعقيدات الإدارية و البنية التحتية الهشة مما أدى إلى نفور مجموعة من الشباب من الممارسة الجمعوية فضلا عن غياب مبدأ العمل الجمعوي كممارسة تطوعية و خدمة عمومية تؤدى للمواطنين. هذا الاحتباس الجمعوي جعل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي اساسا تعتمد في إستراتيجيتها على مجموعة من الآليات و المقاربات أهمها المقاربة التشاركية و المقاربة المندمجة،جعلت من النسيج الجمعوي المحلي، باعتباره شريكا أساسيا في هذه العملية التنموية المحلية ، يعاني من عدة مشاكل تشكل عائقا أمام التنمية البشرية و التنمية المحلية، هذه العراقيل تتمثل في كثرة الجمعيات و تناسلها بقوة غريبة، السرعة في التصور و الانجاز، مما يؤدي إلى تشابه الأفكار و البرامج، و غياب التجديد و الابتكار، و صعوبة تكييف ما تحقق من مشاريع المبادرة مع حاجيات المؤشر الوطني للتنمية البشرية، كما أن تعدد المشاريع و تنوعها يصعب من مهمة قياسها كيفيا و بطريقة واضحة المعالم، سواء من حيث تأصيل المقاربة التشاركية،أو من حيث التأثير الايجابي على مسارات إنتاج التنمية المحلية. فاستمر بذالك النزيف الذي تعاني منه المدينة فيما يخص أفول الرجال المناسبين عن الأماكن المناسبة و اعتزالهم عالم التضحيات الذي لا ينتهي ، و أصبحنا مقبلين على عناصر و دعاة المفهوم الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تقصي الفئات المستهدفة منه و تغتصب كل ما هو جميل. في حين روح المبادرة الحكيمة هي بريئة من هذه التصرفات التي جعلها هؤلاء الدخلاء الجدد مثل علكة تلوكها ألسنتهم اليوم حتى أصبحت بلا طعم و متنا بدون سند في حين وهي فوق ذلك رهان مغربي حكومي و جمعوي، للخروج من سراديب التسيير الفاشل إلى فضاء التدبير المحكم القائم على تقويم مكامن الاعوجاج . إنها ببساطة، توق للقطع مع منطق البطة العرجاء الذي يحكم ضمائرنا قبل أن يعكسه سلوكنا. شيء جميل أن تنخرط كافة المكونات، وتتأهب لخدمة التنمية البشرية في مدينتنا، بدءا برجال السلطة المعينين والمنتخبين مرورا بالقضاء والإعلام و انتهاء بالجمعيات، لكن الأمر سيكون أجمل لو تطوع هؤلاء الذين أسندت لهم مهمة تسخير هذه المكونات لخدمة التنمية البشرية، كمفهوم إنساني لان البشر هم الثروة الحقيقية للأمم، وأن التنمية البشرية هي توسيع خيارات المواطنين في ايطار من الحرية و استهداف لدوي الحقوق لا اغتصابها بشكل قاس و مدبر، و إعطاء لكل ذي حق حقه في ايطار من الشفافية و نكران الذات الأمارة السوء و درء جميع مظاهر استغلال الجمعيات في ابشع صورها. لهذا وجب في هذا الشأن ضرورة إيقاف هذه التلاعبات المشمئزة مع اعتماد و تعزيز آليات المراقبة و الافتحاص و المحاسبة لهذه الجمعيات المحلية التي تمارس أنشطتها بمدينتا باعتباره النهج القويم و الفعال لوضع حد للتعتيم التي تعرفه ماليتها من تبذير و سوء تدبير و غيرها من الممارسات المخالفة للقانون ٬ و كذا تهيئة نظام عصري و محلي لتنظيم القطاع الجمعوي المحلي و تأهيل الجمعيات بمختلف أنواع نشاطها لدخول عالم الاحترافية و كذا دمقرطة المكاتب المكلفة بتسييرها في إيطار يحفظ الركائز الراسخة لدولة الحق و القانون و التدابير الملائمة لمواكبة التطورات المتسارعة التي يشهدها العمل الجمعوي و العالمية و ذالك كله لتجاوز حالة الجمود و غياب النتائج المشرفة في التنمية المحلية و التي جعلت المواطن المحلي يعيش إحباطا بسبب النكسات التي ألمت بالجهة الشرقية٬ كما حان الوقت اليوم أكثر من مضى أن يقدم مسييري القطاع الجمعوي بدون استثناء استقالتهم باعتبارهم المسؤولين الأولين فيما آلت إليه مؤشرات التنمية التي أصبحت تحتاج إلى أكثر من رؤية و أكثر من مخطط لتقديم الحساب لان كما تجري العادة في الدول الديمقراطية أن عقب كل كبوة يتم تغيير كل مكونات اللعبة دون استثناء و أن يخضع المسؤولين إلى جميع أشكال الإفتحاص المالي و الفكري. كما يقتضي و ضع إستراتيجية محلية موحدة الأهداف و متعددة الأبعاد للنهوض لهذا القطاع الحيوي و تمشيط الحقل الجمعوي برمته من الجمعيات الصورية و الانتهازية. لكي تفرز من هو جدير بالبقاء و تحمل المسؤولية و من هو مطلوب للمحاسبة بعد أن أصبحت جمعيات غير مرغوب فيها و تنقيتها من كل الشوائب و الضرب بيد من حديد على كل من الأصوليين الانتهازيين و المتطفلين على هذا الميدان ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن النرجسية و الأنانية و نكران الذات. كما مطلوب الآن و قبل أي وقت مضى استرجاع ثقة المواطن الشرقي الذي قل اهتمامه بالقطاع الجمعوي و ضاق درعا بالخطابات الجوفاء و لم يعد يفرق بين جمعية صالحة و أخرى طالحة في غياب تنظيم محلي محض و شريف و في غياب رجال محليين يؤمنون بالقضية الجمعوية و دورها الفعال في التنمية المحلية و يتميزون عن غيرهم بالتأطير المحكم و توعية الشباب و يتحلون بالصبر و نكران الذات و الحرص على الموروث الجمعوي الشرقي الذي أصبح حاليا عرضة للزوال و الاندثار. كما أن الأوان أن ينخرط الجميع في بناء تصور مغرب جمعوي جديد مغرب يؤمن بالديمقراطية الجمعوية و بناء المؤسسات مغرب الألفية الثالثة كما جاء في العديد من الخطابات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده –وخاصة أن الدور الذي أصبح يلعبه العمل الجمعوي في الوقت الراهن فاق التوقعات و امتد إلى المجالات الحيوية (اقتصاديةاجتماعيةو السياسية رياضية .. مما جعل الجمعويين كباقي الفاعلين في المجالات الأخرى مجبرين على المساهمة في هذه الحركية الذي أصبح يعرفها المجتمع المغربي و الدلو بدلوهم من اجل الخروج من عنق الزجاجة و ذالك بالتعامل مع هذا القطاع بشكل مؤسساتي مسؤول يكرس مبدأ الحوار و الشفافية و الديمقراطية و الإشراك الفعلي للجمعيات النشيطة في تدبير الشأن المحلي داخل المؤسسات الدستورية وطنيا جهويا إقليمياو محليا لتصحيح المسار الحالي ووضعه على السكة الصحيحة قبل فوات الأوان.كما أصبح من الضروري اعتماد المسئولين سياسة القرب والدعم لهذه الجمعيات التي لا حول لها ولا قوة واعتبار نتائجها الباهرة في عملها التطوعي البناء في خدمة الشباب وإنقاذهم معيارا يؤخذ بعين الاعتبار مع إعطاء الأولوية القصوى للجمعيات التي لا تنتسب لأي لون سياسي أو أفكار رجعية و العمل على بلورة نوع من روح التشاور والتضامن. و التمني بان يكون هذا الاحتباس الجمعوي مرحلة انتقالية لكي يحدث هناك تفعيل في الكفاءات الجمعوية لتطويع و تطوير الأداء الجمعوي من خلال حلقات للنقاش و منتديات شبابية جمعوية بعيدة عن الحزبية المتعفنة نظرا لكون المدينة حبلى بكفاءات و طاقات لها دراية و خبرة و إشعاع على المستوى الوطني مع الدعوة إلى أن يكون المجتمع كقوة اقتراحيه نقدية و هذا لن يتحقق في نظري إلا بشرط اختلاف في التصور و الرأي مع ضرورة خلق مسافة بين السياسي و الجمعوي فضلا عن تدبير ملف المنح بطريقة ديمقراطية لا على خلفية اللون السياسي على اعتبار أن المنحة حق مشروع لا يمكن أن تخضع للبيع و الشراء.و يمكن لان يكون توحيد الوسائل و الأهداف ما بين السلطة و المجتمع المدني أن يكون له الوقع الحسن في خدمة هذا المجتمع الوجدي الذي أصبح يعرف حاليا قفزة نوعية و اوراش كبرى و عناية مولوية من ملكنا محمد السادس نصره الله و ايده في ميدان تأهيل المدينة الألفية وإنقاذها لتكون في مصاف المدن الكبرى بوطننا العزيز. بقلم : ذ سعيد بلعوشي باحث جامعي في العمل الجمعوي المحلي
|
|
2416 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|