بمجرد ما أن قدمت اسبانيا طلبها لبرلمان الحلف الأطلسي، الذي انعقد يومي 12 و14 أكتوبر الجاري بدوبروفنيك (كرواتيا)، بالتشطيب على "البوليساريو" من لائحة المنظمات الإرهابية، كان السؤال الأبرز هو : "هل هي خيانة إسبانية جديدة؟". يعتبر الموقف الإسباني طعنة غدر للمغرب في الوقت الذي شهدت فيه العلاقات بين المملكتين الجارتين تقاربا مميزا جسدته زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس ووفد كبير يقوده رئيس الحكومة راخوي يتكون من عدة وزراء ورجال مال وأعمال، حلوا بالمغرب من أجل البحث عن منافذ للأزمة الخانقة التي تعصف ببلادهم. كما أن نفس الموقف جاء تعبيرا عن إرادة الحزب الشعبي الحاكم ليضع حدا لسياسة التهدئة وحسن الجوار التي أعلنت عنها، إن لم نقل التزمت بها، مدريد من قلب العاصمة الرباط، مما يسمح بالقول إن الإسبان عادوا إلى عاداتهم القديمة المتميزة بانتهاج سياسة العداء للمغرب. لقد تزامنت خطوة الإسبان مع جولة كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، في المنطقة للبحث عن آفاق حل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية. وهذا يعني أيضا أن الموضوع مبرمج، مسبقا، في أجندة الحكومة الإسبانية، وتحديدا الحزب الشعبي الحاكم الذي اختار التوقيت المناسب لإظهار ليس التعاطف مع "البوليساريو" بل استعداده ليأخذ مكانه في طابور المنتظرين المتلهفين على البترودينار من أموال الشعب الجزائري التي ينفقها قصر المرادية على المهرولين للاعتراف للجزائر بدور قيادي (كما كان يفعل القذافي من قبل) في المنطقة المغاربية والساحلية الصحراوية التي يسجل فيها المغرب حضورا لافتا ومميزا. دليل هذا النشاط المثير للانتباه الذي قام به الوفد الإسباني، بقيادة نواب الحزب الشعبي، داخل برلمان الحلف الأطلسي، والجهود المضنية - ليس من أجل سواد عيون الصحراويين - والضغوط والإغراءات التي مارسها من أجل التشطيب على "البوليساريو" من لائحة المنظمات المسلحة التي تشكل تهديدا لأمن المغرب وللسلم في المنطقة. يتأكد الآن أن الأحزاب الإسبانية تتقاسم الأدوار فيما بينها في كل ما يسيء للمغرب؛ والدليل تعمد الحزب الشعبي عن مرافقة مجموعة البرلمانيين الأربعة الذين زاروا مدينة العيون، لأنه كان يعرف الدورالكبير المقبل الذي ينتظره على مستوى برلمان الحلف الأطلسي. ومن هنا، فليس في الأحزاب الإسبانية أملس؛ وأن حكومة مدريد ليست جديرة بالثقة، وتبقى حكومة احتلال أولا وأخيرا مازالت متشبثة بسياسة الاستعمار البائد في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية المغربية. وقد حان وقت الجلاء عنها. تزامنا مع هذا، تصاعدت في الأيام الأخيرة تهديدات المنظمة الانفصالية بشن حرب على المغرب من طرف بشير مصطفى سيد، والبشير البوهالي، وكبيرهم الذي علمهم الكذب عبد العزيز المراكشي، انطلاقا من الجزائر، ناهيك عن الملايين من الدولارات التي ينفقها النظام الجزائري، بكل سخاء، على رضيعهم "البوليساريو"، من أجل إثارة الشغب وأعمال العنف والعمليات الإجرامية في الأقاليم الجنوبية للمغرب من أجل إظهار وجود انتهاكات لحقوق الإنسان؛ ولعل أخطرها تلك التي وقعت في مخيم أكديم إيزيك، حيث ذبحت العناصر المسربة من طرف "البوليساريو" 11 عنصرا من القوات العمومية المغربية والتبول على جثثهم. نظن أن مدريد أصبحت، بعد خطوتها هذه، مقتنعة بالحصول على حصتها من كعكة الجزائر التي تغري بها دول الجوار من أجل البحث عن موطئ قدم يضمن لها الزعامة والسيادة في المنطقة، كما كان يفعل العقيد القذافي قبلها.
حمادي الغاري