حميد زيد.
أيها المغاربة اهربوا. إنهم قادمون. اصبغوا المصابيح بالأزرق. اهربوا إلى الملاجىء.طوط طوط طوط. هذه صفارات الإنذار. أسرعوا وأطفئوا الأضواء. لا حركة لا نأمة. بعد لحظات ستحط طائرته في المطار. إنه يطير وسينزل في أي لحظة.
إنه غاضب هذه المرة وسيقصفنا. لا تبرحوا بيوتكم. هاهو يطير وسينزل بعد لحظات في حي المحيط بعاصمة المملكة. لتحافظوا على أرواحكم اصمتوا. جيش الكامونيين يزحف في البحر والبر والجو. وكتيبة الفيسبوك على أهبة الاستعداد.
هاهو قائد الجيش يطير. يتبعه صاحب المغرب المهزوز. ووصيفته الدكتورة التي تسجل الفيديوهات وتحاور نفسها كلما طارت هي الأخرى وحطت في أرض المغرب.
لقد حاوروا بعضهم البعض ما يكفي، ونظروا للغزوة الكبرى، وهاهم يزحفون اليوم بعد أن كونوا ما يكفي من دكاترة ليطبقوا علمهم الحربي على أرض الواقع.
لقد حذرونا ولم نسمع. ونصحونا ولم نتعظ. قالوا لنا النظام مهزوز ومهزوم وسيسقط في القريب العاجل. ولم نصدقهم.
كنا نعتقد أن النظام المخزني المستبد يتأرجح فقط. تارة يكون مهزوزوا وطورا يكون قويا وواثقا من نفسه. لم نقتنع أنه فعلا مهزوم ومستبد ودموي وسيسقط بمجرد عودتهم في الطائرات.
فات الأوان ولا وقت للتراجع. الكامونيون ينزلون بالمظلات وينتشرون. كنا نظنهم يمزحون. وكنا نضحك من استراتيجية الرجل الطائر. لم نكن نصدق فعلا أنه خبير في فن الحرب. وهاهو يقود الحملة. وهاهو يعود مظفرا.
ما أغبانا. منذ مدة وهو يتحدث عن الاستراتيجية. وعن استراتيجية الدفاع. واستراتيجية الهجوم. إنه الرجل الاستراتيجي بسلامتو. ونحن نظنه مجرد صحفي ويبالغ. وأنه متحمس للكلمات الكبيرة. ويحب الضغط الخارجي على المخزن. ويحب تطويق النظام. قبل أن نكتشف أنه فعلا خبير استراتيجي في الحرب على نظامنا الرجعي المخزني. وأن سقوط النظام أصبح وشيكا.
ها هو القصف بدأ. هاهم الكامونيون يتقدمون. هاهي الطائرات تحلق. ها نحن نشم رائحة الكمون. هاهي وحدة عسكرية أمام البرلمان. هاهي كتيبة من المشاة تشرب القهوة في باليما.
ها هو جيش الكمون الحر يتراجع إلى الخلف وفق الاستراتيجية المرسومة. ها هو القائد الهمام يضغط على النظام في أمريكا. ها هو يطير مرة أخرى.
أيها المغاربة. أنا أحذركم. لا تغادروا منازلكم قبل أن تتأكدوا أنه حط في عاصمة ما. قد تأتيكم الضربة من حيث لا تدرون. لا تستهينوا بجيش الكمون. إنه جيش يتدرب باستمرار. وجنرالاته يحاورون بعضهم البعض. وله صحفيون لا مثيل لهم. رغم أنهم سيفضحون بعضهم البعض في نهاية المطاف كما حصل في ثورتهم الأولى المجهضة دون أدنى تدخل من النظام المستبد. وسيتبادل الكامونيون التهم في ما بينهم، وسنتفرج عليهم ونضحك. وسيقولون كم أخذ فلان. وما قيمة شيك علان.
لكن يبدو أن الأمور تبدو جدية هذه المرة. لقد قالها الرجل الطائر. المخزن لا يفهم إلا لغة الضغط. وهاهم يضغطون. وهاهم ينزلون من الطائرات في مطارات النظام القمعي. وهاهو المخزن يتراجع إلى صفوفه الخلفية. وهاهي الإصابات. وهاهي الجماهير الشعبية تحتك ببعضها البعض. وهاهي رائحة الكمون الحادة تصيب الأنوف في مقتل.
وها نحن أتباع النظام السابق. ها نحن العملاء. العبيد. المأجورون. الذين يضحكنا أتباع ثورة الكمون. ها نحن نفر بجلودنا. نفر ركضا. وفوق رؤوسنا يحلق قادة الثورة الطائرة. ويقصفوننا من فوق. يطيرون. ويحلقون مرة أخرى.لأنهم لا يملكون طاقة تحمل مغرب عادي ومستقر وبلا قلاقل. وحين يملون ويشعرون بالضجر يطيرون عاليا في السماء. وينظرون إلينا من فوق. فتبدو لهم المملكة صغيرة جدا. فينزلون. ويحطون في المطار. فيكتشفون خللا في الاستراتيجية. وأن المغرب في الواقع ليس كما هو في السماء. وأنه ليس بهذه السهولة التي يتخيلون.
لقد وصل. لقد وصل. هاهو في عاصمة المخزن. أغلقوا النوافذ. ششششششش. إنه ليس مجرد صحفي. إنه يتوفر على قدرة خارقة على الضغط وعلى الطيران، وكما هو معلوم فإن كثرة الضغط تولد الانفجار. رحماك لا تضغط على المخزن. لا نريد أن نتفرقع معه. وليست لنا فيزا لنطير. رحماك سامح كل من تطاول عليك. وعاشت ثورة الكمون. الكمون الذي نرشه هذه الأيام على اللحم. كي لا يؤذينا في بطوننا. وكما يعرف الجميع فإن رش الملح على الجرح يختلف عن رش الكمون. وهذه استراتيجية أخرى، تحتاج إلى دكتور آخر ليشرحها للجماهير المتشوقة لاستقبال البطل. الرجل الطائر. قائد الثورة وصاحب نظرية الضغط في العواصم العالمية. والذي لا يأتي إلا ليوضح الاستراتيجية والخطة. اختبئوا. طخ. طخ. طخ.