يرتبط اسم نوادي الأخوة الجامعية أو ما يعرف بـFraternities في أذهان أغلب الأميركيين بميول شبان عازبين إلى الحفلات الصاخبة للإفراط في الشرب والمجون. لكن عددا من طلاب جامعة تكساس بمدينة دالاس، حاذوا عن هذا المنحى بتأسيس أول نادي أخوة (Fraternity) خاص بالطلاب المسلمين يحمل اسم Alpha Lambda Mu ويعرف بـAlif Laam Meem أو "ألف لام ميم"، في شهر فبراير/شباط الماضي. ويتفق أعضاء النادي الجديد، الذي يُعرف المنتمون إليه بطرابيشهم الحمراء، مع بقية النوادي المماثلة على ضرورة التمسك بكل ما لا يتعارض مع الإسلام، فيما يبتعدون عن الخوض في أنشطة يحرمها دينهم. وتشكل النواهي الإسلامية عن بعض السلوكات، الدافع الرئيسي وراء إطلاق "ألف لام ميم" الذي جاءت فكرة تأسيسه بعد مزحة تبادلها الطلاب في البداية قبل أن تتحول إلى واقع. ويعد نادي أخوة المسلمين، الهيئة الأولى من نوعها بجانب عدة جمعيات طلابية مسلمة تعرف بـMuslim Student Associations يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1963، إلا أن النادي الجديد أثار موجة انتقادات بين المعارضين، لكنه جذب إليه تأييد الكثير من المتحمسين لصورة غير نمطية وواقعية عن المسلمين في أميركا.
"لسنا مسلمين كاملين" وأكد مؤسس "ألف لام ميم" علي محمود في مقابلات صحافية أن نادي الأخوة لا يتعارض مع الجمعيات الطلابية المسلمة بل يقدم بكل بساطة أمورا مختلفة، مشيرا إلى أن من أهدافه جعل تجربة المسلمين في الجامعات ممتعة والتركيز على الأنشطة الاجتماعية من أجل "تربية رجال قادرين على خدمة مجتمعهم". وقال محمود أيضا "لسنا مسلمين كاملين ولسنا أولئك المتطرفين من خارج الحدود. إننا مجرد طلاب جامعيين نشترك في نفس القيم" بغض النظر عن توجهات كل طالب.
ويعود تاريخ ظهور نوادي الأخوة في أميركا على اختلاف انتماءاتها الدينية وأهدافها الاجتماعية، إلى القرن الـ18 عندما أطلقها طلاب كانوا يرغبون في عقد لقاءات سرية غالبا من أجل مناقشة أفكار وقضايا لا تروق للمؤسسة التعليمية التي يترددون عليها.
نادي أميركي بمقاييس إسلامية
وقال محمد بوشناق، أحد مؤسسي النادي وهو طالب يدرس التسويق، في لقاء مع موقع "راديو سوا" إن من أهداف نادي "ألف لام ميم" هو "مساعدة الشباب على السعي للخير في الدنيا وكسب الثواب في الآخرة بناء على تعاليم الله وآخر رسله".
وفي الإطار نفسه، قال شهير علي، وهو عضو مؤسس في "ألف لام ميم" يدرس علم الأعصاب، في لقاء مع موقع "راديو سوا" إن كثيرا من الأنشطة التي يقوم بها الأعضاء لا تختلف عن تلك التي يقوم بها أقرانهم في نوادي طلابية أخرى. وهذه مقابلة مصورة مع بوشناق وعلي:
وأضاف علي أن أعضاء "ألف لام ميم" ينظمون لقاءات ويزورون بعضهم البعض ويتناولون ولائم مشتركة في بعض المطاعم، كما يمارسون الرياضة ويمضون أوقات ممتعة لا تخلو من مقالب يدبرونها لبعضهم البعض وينشرون مقاطع فيديو على حساب" ألف لام ميم" في موقع يوتيوب.
وأوضح أن هذه الأنشطة تتباين بين ما هو تربوي مثل المطالعة ومناقشة الكتب بشكل أسبوعي وأداء صلاة الفجر جماعة أيام السبت تتبعها دروس في التجويد، وما هو اجتماعي مثل قيامهم بأعمال تطوعية كمساعدتهم في عمليات التنظيف التي أعقبت إعصار مور في ولاية أوكلاهوما القريبة، وإطعام المشردين، وانضمامهم إلى مسيرة تدعو إلى وضع حد للعنف ضد النساء، فضلا عن تنظيمهم إفطارا في رمضان على شرف أشخاص اعتنقوا الإسلام حديثا وغيرها. بين انتقادات حادة وتبرعات سخية
وأعرب بوشناق وعلي عن امتنانهما لجامعة تكساس والقائمين عليها في تحويل نادي الطلاب المسلمين إلى حقيقة قائمة بذاتها. وأوضحا أن النادي تلقى رسائل سلبية تخدش مشاعر أعضائه، لكنها سرعان ما تلاشت في ظل موجة التشجيع المتزايدة لفلسفة النادي.
وذكر بوشناق وعلي أن الدعم تراوح بين كلمات طيبة ودعم مادي مثل تطوع المصور ديلن هولينغزوورث بتوثيق أنشطتهم وتحويلها إلى قصة مختلفة تسرد عدة إيجابيات عن الطلاب المسلمين في أميركا.
المصور الأميركي ديلن هولينغزوورثالمصور الأميركي ديلن هولينغزوورث وأوضح هولينغزوورث لموقع "راديو سوا" أنه قضى الصيف الماضي في الأراضي الفلسطينية حيث تعرف عن قرب على الثقافتين العربية والإسلامية مما ساعده على تغيير الكثير من المفاهيم التي "تشبّع بها من وسائل الإعلام الأميركية". فقرر عند عودته إلى تكساس أن يسلط عدسته وأعماله الفنية على وضع المسلمين داخل وطنه، لتصحيح الصور النمطية السلبية التي تلاحقهم في كثير من الأحيان خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية. وقال "عندها وجدت ألف لام ميم".
وأضاف المصور الأميركي أنه أراد أن يلتقط صور شباب "ألف لام ميم"، وهو يعي أنها "لحظة تاريخية قد تأتي بتغيير إيجابي في الأفكار والآراء حول الإسلام في أميركا.
وأعرب هولينغزوورث عن سعادته لأن أعضاء ألف لام ميم جعلوه يندمج بشكل تلقائي في النادي، وهذا في رأيه طريقة رائعة لتقديم صورة مختلفة عن الإسلام، مضيفا أن المثير في علاقته مع أعضاء نادي أخوة المسلمين هو عمق الصداقة المشتركة.
وأوضح هولينغزوورث، الذي يقدم خدماته مجانا للنادي كيف بدأ يهتم بقصة هؤلاء الشبان واعتبرها جديرة بالتعريف بها بين بقية الأميركيين وهذا في نظره "شرف حقيقي" بالنسبة له.
وخلص إلى القول إن "نضال المسلمين من أجل المساواة سيكون محور النقاش القادم حول الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، فيما ستساهم مثل هذه الصور في تخفيف مستوى الخوف والجهل إزاء المسلمين".
ومن المنتظر أن يؤسس الطلاب المسلمون نواد جديدة في أربع جامعات أميركية أخرى، هي Cornell وPennsylvania وCalifornia San Diego وCentral Florida.
بديعة منصوري* التحقت بموقع راديو سوا منذ أيامه الأولى في مارس/آذار 2003، حيث عملت على الترجمة وتحرير الأخبار وإجراء المقابلات، وساهمت في تغطية عدد من الأحداث المهمة في الولايات المتحدة، كما أنها تتابع دراسة الإعلام في جامعة جورج ميسون الأميركية