كمال الجبلي.
تتقمص جماعة"العدل والاحسان" المحظورة أدوارا لا تمثل حقيقتها، وتقرصن كلاما ليس كلامها، لأنه خطاب قديم للمعارضة اليسارية في القرن الماضي، تضفي عليه مسحة دينية وتعاود إنتاجه بشكل مبتذل، لأنه مجرد غوغائية قديمة جدا، متبلة بجرعة زائدة من الخرافات واستغلال الدين في السياسة بشكل تحريفي يتنافى وقيم الديمقراطية الحقيقية.
في هذا السياق يأتي تصريح حسن بناجح، القيادي في الجماعة وافترائه في موقع"لكم" حيث ادّعى أن "رفض النظام مشاركتهم في اللعبة السياسية بشروط الجماعة، لوعيه بطبيعة المعارضة التي تريد الجماعة ممارستها داخل اللعبة السياسية الرسمية" وتابع بلا خجل من نفسه أولا ثم فطنة الشعب المغربي ومؤسساته ثانيا عندما زعم بأنهم "سيعارضون من يحكم فعلا وليس من يلعب دور البارشوك".
مادام بناجح تحدث عن "البارشوك" فليس هناك مجالا للشك، أن الجماعة تلعب دوره فعليا، وليس دور واقي الصدمات من النوع البلاسيكي ولكن من نوع مصنوع من الحجر الأصم، وبطبيعة الحال ليس للنظام في المغرب، ولكن ضدّ سيرورة التاريخ وتطوره ومسار المغرب واختياراته في المجتمع الحداثي والديمقراطي، وكذلك "بارشوكا" من ثقافة الكهوف واستغلال الدين، ومحاصرة ثقافة العقل والأنوار وتكفير كلّ قادم من الحضارات الإنسانية المختلفة(..)
بناجح يريد حجب شمس الحقيقة بغربال من "القرون الوسطى المظلمة" متهرئ ومتآكل جدا، لأن الجماعة تريد ان تستغل الدين في السياسة وترفض الديمقراطية وقواعدها، كما هي متعارف عليها في العالم، وترفض نظام المؤسسات البرلمانية والدستورية، وتقول بنظام "التخليف" أو الخلافة الراشدة ككذبة كبيرة، تستغل الرسول صلى الله عليه وسلم وتتاجر بقدسية أشرف الخلق، حين تضيف بلا خجل انها تريد خلافة على" المنهاج النبوي" في عملية تكفير ضمني للمغاربة جميعا وأجدادهم منذ اعتنقوا الإسلام.. لأنها تتنكر جملة وتفصيلا لمنهاجهم الإسلامي وكأنه ليس على سيرة الرسول محمد (ص) و المذهب المالكي.
ان الجماعة دخلت مرحلة الانغلاق الايديلوجي المطلق، وخاصة بعد اخفق النموذج القدسي في تدبير الشأن الوضعي، وتجربة الاخوان المسلمين في مصر كانت سبب الانتكاسة والتقوقع، كمرحلة أولى ستتلوها مرحلة ارتداد ثانية عنيفة لكلّ موجات الكراهية والحقد ومثلنة الذات المتعصبة لكن هذه المرّة بين أعضاء الجماعة وأشبهها من "العصبيات"، وبلغة أوضح سيموتون بنفس الرصاص الذي يرشقون به عباد الله اليوم ويكفّرون به كل من اختلف معهم في نقاشهم البزنطي/الديني عن الذي سبق في السياسة "البيضة أم الدجاجة؟؟" وفي الاستنجاء "القبل أم الدبر؟؟" يعني الموت كالدودة حين تنطوي تحت الحذاء، لكنه حذاء التاريخ(مجازا) الذي يزحف نحو التقدم وليس مزابل التاريخ التي تنازل عنها النظام والشعب المغربي بابتهاج كبير لأمثال بناجح وجماعته.