كمال الجبلي
في مقال طويل أو بتعبير أدق، مرافعة للأمير مولاي هشام دفاعا على صديقه علي آنوزلا، نشرها موقع "ألف بوست" المقرب جدا من الشخصين معا، قال في مطلعها إنه "من جديد تُنتهَك حرية الصحافة في المغرب، ويأتي اعتقال الصحفي علي أنوزلا في 17 شتنبر 2013 ليفضح بالملموس هشاشة ما يسمى بالانتقال الديمقراطي بالمغرب. ليس هذا الاعتقال فعلا معزولا، بل يندرج في إطار دينامية لاستعادة الهيمنة من منظور سلطوي على الحقل السياسي".
من الواضح أن زاوية النظر التي اعتمدها الأمير لا ترتكز على سند منطقي وعقلاني حقيقي، بقدر ما تعتمد على نظرة تحركها العواطف والمشاعر وليس الدفاع عن روح وجوهر حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها في المواثيق الدولية، ومنصوص عليها في ديباجة الدستور المغربي ، لأنها ( زاوية النظر) اعتمدت على منطق انتقائي وتمييزي بين العباد في البلاد، بمعنى أن مولاي هشام جعل حقوق الإنسان حكرا على علي أنوزلا، وليست حقا من حقوق شعب بأكمله زعزع طمأنينته وسكينته وأمنه وسلامته مدير نشر موقع "لهم" بنشره لشريط "فيديو" يحرض على العنف والإرهاب.
ولعلم مولاي هشام، وفي حالة علي أنوزلا بالضبط، لسنا أمام قضية حرية تعبير بل أمام قضية إرهاب، وهذا ما يجب أن تكون للأمير جرأة الإقرار به إذا كانت تعنيه فعليا، حقوق الإنسان وكان يعنيه فعلا الانتقال الديمقراطي في المغرب.
ولو كان علي أنوزلا جديا بالفعل ونزيها، كما يعتقد الأمير، لما تقلب في الكثير من المواقع الإعلامية وارتضى لنفسه أن ينتقل من بحبوحة العيش في كنف صحافة البترودولار، إلى مراسل لوكالة الأنباء الليبيبة "جانا"، ثم "مبعوثا" لإذاعة "سوا" الممنوعة البث في الولايات المتحدة الأمريكية لأنها إذاعة ذات أهداف دعائية، ولما تقلب بين أوراق العديد من الصحف والمجلات الوطنية من دون أن يطيب له المقام، إلا في كنف "لهم" الإلكترونية، والذي لم يكن صدفة أن تظهر في عز "الربيع العربي" الذي آل إلى خريف.
ولو كان علي أنوزلا جديا بالفعل ونزيها لما ناصر انفصاليي الداخل، ظلما وعدوانا، ولما سمح لموقعه بنشر الإشاعات، ولما حوّل منبره إلى بوق يدعو الشباب المغربي للقتال.
أين الجدية والنزاهة في كل هذا ؟ أم أن تصادف الأهواء يعمي عن رؤية الحقيقة؟
لذلك أرى أن مقال مولاي هشام يقترب من الدفاع عن "حرية التفجير" وليس من الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، لأن الشريط مادة إرهابية لتنظيم خطير هو: "القاعدة"، والشعب المغربي، ليس له مرفأ آمن في باريس أو الولايات المتحدة الأمريكية يمكنه أن يحمل حقائبه ويسافر إليه.
أليس من العبث أن يُترك مشيد بالإرهاب حرا طليقا؟ أليس من العبث أن يدافع أي مواطن على من ارتضى لنفسه أن يكون خارج الإجماع، وضد المؤسسات، وأن يمد اليد لمن اختاروا نصب العداء للمغرب؟
وهل من المنطقي أن تتخلى الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية عن ممارسة الصلاحيات الدستورية المخولة لها، وتتحاشى تطبيق القانون على ناشر شريط تنظيم "القاعدة" لمجرد أن حزب "المصباح" اتُهم عقب التفجيرات الإرهابية لـ 16 ماي بتحمل جزء من المسؤولية المعنوية في ما وقع؟
هل هذا سبب كافي لكي لا يحرك وزير العدل والحريات ساكنا لمواجهة هذا التهديد المباشر للبلاد والعباد؟
إنها مجرد محاكمة صحفي بما اقترفت يداه، ليست مبررا لكي يحمل الأمير معاول الهدم للإجهاز على كل ما تحقق من تكريس للممارسة الديمقراطية، وما يرافق هذا التكريس من تنوع واختلاف.
إنها مجرد محاكمة صحفي لا يمكن أن تمثل انتكاسة للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير فالأولى يحميها الدستور والثانية يحصنها القانون