أولا : من مالي إلى موريتانيا :
نعم ، يمكن القول بأن دولة مالي قد نالت استقلالها للمرة الثانية في سنة 2013 ، اسقلالا من حكام الجزائر بعد الحرب على الإرهاب في هذا البلد الإفريقي المريض ، وحكام الجزائر متخصصون في الهيمنة على الدول المريضة سياسيا بل متخصصون في شراء الذمم الذليلة ومنها ذمم الرؤساء الفاشيست في إفريقيا وغيرها ... لقد خَرَّبَ حكامُ الجزائر دولة مالي بتسليط سيف الإرهاب عليها لكنهم دفعوا بهذا الأمر إلى درجة تدخل مجلس الأمن فقادت فرنسا حربا على ذلك الإرهاب الجزائري الصُّنع ، وأذعن بوتفليقة مرغما لإرادة فرنسا فسمح للطائرات الحربية الفرنسية بعبور أجواء الجزائر نحو مالي ... انهزم الإرهاب في مالي وانهزم معه حكام الجزائر في الهيمنة على مالي ، والدور اليوم على موريتانيا ....
ثانيا : العلاقة بين موريتانيا والبوليساريو :
الكل يعلم أن موريتانيا هي الحلقة الأضعف في المنطقة المغاربية ، والجزائريون أكثر الشعوب المغاربية إحساسا بضعف الموريتانيين المُهِين ونقلوا هذا الإحساس إلى البوليساريو بل وَظَّفوه في نزاعهم مع المغرب ...
فكيف هو حال العلاقة بين موريتانيا والبوليساريو ؟
الجواب : إنه الرُّعب المُستدام ، الموريتانيون مرعوبون جدا جدا من البوليساريو ، البوليساريو سيف ديموقريطس مُسَلَّطٌ على رقاب الموريتانيين .
ثالثا : هزائم الموريتانيين المذلة على يد البوليساريو :
كلنا يعرف الغزوات التي شنَّها البوليساريو على موريتانيا كانت أولها غزوة نواكشوط التي عَرْبَدَ فيها البوليساريو في شوارع نواكشوط يوم 9 يونيو 1976 والتي مات فيها مؤسس البوليساريو الوالي مصطفى السيد الذي خلفه عبد العزيز المراكشي الذي لا يزال حاكمها إلى الآن ....
كما يعلم الجميع فقد تم تقسيم الصحراء المغربية بعد خروج إسبانيا منها عام 1975 بين المغرب وموريتانيا ، فكانت منطقة وادي الذهب من نصيب موريتانيا والساقية الحمراء من نصيب المغرب ، وحينما احتار القذافي وحكام الجزائر في أمر المغرب وصمودِهِ أمام كل المناورات السياسية وهجمات حرب العصابات على جيوشه في الساقية الحمراء ، قرر حكام الجزائر والقذافي الضغط على حكام موريتانيا بالترهيب والترغيب لخروج موريتانيا من إقليم وادي الذهب وتقديمه هدية للبوليساريو / الجزائر على طبق من ذهب والاعتراف بجمهورية الوهم، ولما تردد حكام موريتانيا في توقيع هذا الاتفاق في طرابلس في بداية سنة 1979 وللضغط عليهم شنت قوات البوليساريو هجوما شرساً على مدينة " تشلة " الموريتانية ودمرتها تدميرا يوم 12 يوليو 1979 مما عَجَّلَ بتوقيع الاتفاق في سرية تامة على أن يتم التنفيذ بعد ستة أشهر لكن المخابرات المغربية وقيل المخابرات الفرنسية أبلغت الحسن الثاني بذلك فتغدى بهم قبل أن يتعشوا به حيث دخل الجيش المغربي إقليم وادي الذهب يوم 14 غشت 1979 مُعْلناً أن زعماء القبائل الصحراوية بالمنطقة قد قدَّمُوا البَيْعَة للملك الحسن ونقلت وسائل الإعلام العالمية صورا للحسن الثاني وهو يوزع أسلحة فردية على الوفد الصحراوي في إشارة بأن سكان الصحراء مستعدون للدفاع عن وادي الذهب من الغزو الجزائري أو غيره
رابعا : اعتراف موريتاني بالبوليساريو بطعم الإهانة :
لم ينجح القذافي وحكام الجزائر في تنفيذ اتفاقهم مع حكام موريتانيا إذاك إلا في شقه المتعلق باعتراف موريتانيا بالجمهورية الصحراوية فقط لا غير أما الأرض فقد استولى عليها الجيش المغربي بنسبة 85 % بل و استمرت العلاقة بين المغرب وموريتانيا طبيعية حتى قيل : إن المستثمرين المغاربة في موريتانيا أصبحوا أكثر نشاطا بعد أعترافها بالبوليساريو ، بل بعضهم كان يؤكد دائما أن البوليساريو نفسه كان يتهافت على المنتوجات المغربية التي غزت الأسواق الموريتانية ويشتريها بالأموال الجزائرية !!! ....
خامسا : الرعب من البوليساريو دفع الموريتانيين إلى الاعتراف بإسرائيل !!!!
غريب أمر الموريتانيين ، فمن أجل العيش في أقل درجة من الرُّعب المسلط عليهم من طرف البوليساريو نجدهم يسقطون مرة بين أحضان حزب البعث العراقي أيام صدام حسين ونجدهم يتسولون القذافي كلما بدا منه موقفا معاديا للمغرب فَـيُـذَكِّرُونَه باعترافهم بالبوليساريو عَلَّهُم يَكْسِبُون من وراء هذا التذكير بعضا من دولاراته ، بل قد بلغ بهم الرعب من البوليساريو درجة الاعتراف بإسرائيل وتبادل السفراء علانية معها لعلهم يُبْعِدُون عنهم شبح السيف المسلط عليهم من طرف البوليساريو ...
أَيُّ رُعْبِ هذا بلغه الموريتانيون يدفعهم إلى حد الاعتراف بإسرائيل حيث انتقلوا من رعب البوليساريو إلى الذل بين العرب والمسلمين !!!!...
سادسا : بعد مالي هل ستخرج موريتانيا من رعب البوليساريو ؟
كيف هو حال موريتانيا بعد العودة القوية لفرنسا إلى المنطقة بعد حرب مالي ؟
ألا تزال موريتانيا مرعوبة من الجزائر/ البوليساريو بعد تورط هذا الأخير مع إرهابيي مالي ؟
الحقيقة هي أن حكام الجزائر هم الذين يُرْعِبُون الشعب الموريتاني أما البوليساريو فهو يقود هذا الرُّعب بالوكالة على الموريتانيين لكن – مع الأسف – لايمكننا أن نغفل ما يبدو كأنه ذهول في عيون الموريتانيين أو هو قريب من الجبن المستحكم فيهم ، هل هو من آثار الغزو الهمجي للبوليساريو على نواكشوط وتشلة ؟
واليوم بعد استقلال دولة مالي من إرهاب البوليساريو المصنوع من طرف حكام الجزائر ألا تزال موريتانيا مرعوبة من البوليساريو بعد انكماشه في مخيمات تندوف يمسح أسلحته المهترئة ...
لقد سقطت دولة مالي ثمرة ناضجة من شجرة ، بل من محور الجزائر/ جنوب إفريقيا / فينزويلا واحتضنها المنتظم الدولي مرحباً بها في النادي الديموقراطي ، فهل سيتحرك ما بقي من النخوة في نفوس أبناء شنقيط ليتحرروا من حكم العسكر في موريتانيا ويخرجوا من جاذبية رعب البوليساريو وإرهابه المصنوع من طرف حكام الجزائر ؟؟؟؟
سمير كرم : الجزائر تايمز