إذا كان "في طي كل نقمة نعمة"، فإن من المسائل التي تثير الانتباه في قضية الزميل أنوزلا، أنها كانت وراء ظهور حقيقة القاعدة الخلفية لصاحب موقع "لكم" التي يستمد منها وجوده، والتي كشفنا عنها الغطاء في مناسبات سابقة؛ وتتمثل في "الاستنفار العام" الذي أعلنته الطغمة المتحكمة، بقوة الحديد والنار، في مصير آلاف المواطنين الصحراويين المحتجزين بـ"غيتوهات" تيندوف. لا نتحدث هنا عن التضامن الداخلي الذي نعتبره شيئا عاديا، خاصة أنه ينحصر في فئة محدودة من المواطنين لهم كامل الحق في التعبير عن موقفهم، هذا دون الحديث عمن ينتهز الفرصة من أجل إظهار تعاطف مزعوم، بل نتحدث عن تناسل بيانات التضامن المريبة لجمعيات حقوقية وإعلامية تحركها وتمولها جبهة الانفصاليين، واللعب عليها كقضية من قضايا حقوق الإنسان. بالطبع، لا يمكن لـ"البوليساريو" أن تبخل على أنوزلا ولو بإعلان التضامن معه، وفاء منها للخدمات التي ما فتئ أنوزلا يقدمها للانفصاليين تحت ذريعة العمل الإعلامي، مستغلا، بطريقة لا تخلو من انتهازية الهامش الكبير لحرية التعبير في المغرب. وعوض أن يستفيد من هذا المجال الرحب لخدمة بلده الأصلي، فضل الانبطاح تحت أقدام جبهة الانفصاليين طمعا في الحصول على منصب مسؤولية بـ"الجمهورية الصحراوية" التي ظل يراهن على تحققها من خلال كل ما يكتب وكل ما يدعو إليه في "نضاله" ومناهضته للمؤسسة الملكية. وهذه حقيقة لا يمكن أن يجادل فيها إلا من في عينيه حول أو الذي مازال في "دار غَفْلُون" تستهويه الشعارات الرنانة الخادعة. هكذا، انتفضت، فجأة، بعض جمعيات ما يسمى بنقابة الصحافيين الصحراويين، وأخرى تزعم الدفاع عن حقوق الصحراويين، وثالثة عن حقوق الإنسان، والشبيبة الصحراوية... والمرأة الصحراوية... لإظهار حماسها للتضامن مع أنوزلا بمجرد توصلها بأوامر قيادة جبهة الانفصال التي تفرض عليها دعم "الأخ أنوزلا". وفي الحين، بدأت بيانات وبلاغات الاستنكار والتنديد تتناسل بين اللحظة والأخرى، في الوقت الذي تتجاهل فيه هذه الجمعيات والمنظمات مهمتها الأساسية الكامنة في الالتفات بما يجرى تحت عينها وأنفها من تجاوزات وانتهاكات أفظع من الفظاعة في "غيتوهات" تيندوف الرهيبة التي تسير بذكرها الركبان من حيث أن الداخل إليها مفقود والخارج منها كأنه مولود. هل تستطيع هذه الجمعيات، التي تتحرك تحرك الكراكيز من وراء ستار، أن تفتح فمها بما يقع تحت أقدامها من بطش وقمع وعسف لأي مواطن صحراوي يقول وطني المغرب؟ هل تستطيع أن تستنكر، ولو في قرارة نفسها، وتقول اللهم هذا منكر إزاء أعمال القتل والسحل و"التكرفيس" بجميع أشكاله وألوانه التي يتم ارتكابها في حق مواطنين أبرياء بـ"الغيتوهات" المذكورة فقط لأنهم عبروا عن عدم قبولهم للأمر الواقع المفروض عليهم، ولم يريدوا الاستغناء عن آدميتهم والتحول إلى ما دون ذلك؟ لماذا لم تنبس ببنت شفة في قضية مصطفى سلمى الذي أعطى المثال للصحراوي الحقيقي الذي يعرف ما له وما عليه؟ هل تجرأ ما يسمى بالجمعيات الحقوقية على الحديث عن تورط "البوليساريو" في الأعمال الإرهابية التي تمت، والتي ستتم، بالمنطقة؟ أما الحديث عن التمييز العنصري الذي أصبح سلوكا عاديا في أوساط الطغمة المتحكمة بمخيمات تيندوف، فذاك موضوع آخر لا تستطيع تلك الجمعيات التي تزعم الدفاع عن الصحراويين أو عن حقوق الإنسان مجرد الاقتراب منه. الآن، سقط القناع عن القناع لينكشف الوجه الحقيقي لمن يساندون ويدعمون ويمونون ويقفون – من خارج الحدود - وراء الزميل أنوزلا. كما اتضح بشكل جلي لفائدة من كان يشتغل علي. وليس في ذلك أي وجه للغرابة ما دام أن الزميل سبقهم في تقديم الخير، من خلال تقديم خدماته لـ"البوليساريو" وغيرهم. والآن يردون له حسن صنيعه.
عن الأيام.