لم يعد سمير عبد المولى ولدا غرا كما كان ينعته إعلام حزب العدالة والتنمية، لقد كبر الشاب ونضج، ولذلك قرر الالتحاق بالإسلاميين عن قناعة تامة، بعد فترة قضاها في صفوف الأصالة والمعاصرة.
إنه طيش الشباب، أما الآن فقد عاد عمدة طنجة السابق إلى رشده بعد طول غي، وله كل الوقت كي يغسل ذنوبه السابقة، انسجاما مع توجهه السياسي الجديد.
شخصيا لا مشكلة لدي مع هذا التحول من النقيض إلى النقيض، ومع هذه الانعطافة الكبيرة التي قام بها سمير عبد المولى، بل على العكس من ذلك، إنها فرصة مناسبة لي كي أستوعب أن العدالة والتنمية هم أيضا بشر وليسوا ملائكة، وأنهم مثلنا تماما يكذبون ويراوغون ويبررون ما يقومون به حين يمارسون السياسة، فالشاب الذي كانوا يتهمونه في الماضي بما لا يخطر على بال، صار اليوم نقيا وطاهرا وقيمة مضافة، إلى غير ذلك من معجم المديح التي يتقاطر هذه الأيام على السيد سمير عبد المولى.
من جهة أخرى أنا سعيد جدا بانضمام العمدة السابق لمدينة طنجة إلى العدالة والتنمية، لأنه بذلك سيضفي لوكا جديدا على حزب يسود اعتقاد خاطىء بين المتتبعين أنه لا يقبل بين صفوفه أشخاصا يضعون ربطات عنق فاقعة الحمرة، ويركبون سيارات فارهة تثير الخوف والدهشة في نفوس من يشاهدها، وهي فرصة للإسلاميين، يجب استغلالها بشكل جيد، لاستقطاب فتيات يرتدين تنورات قصيرة وبنطلونات لاصقة، لأنه من المرجح أن يلتحقن فرادى وزرافات بحزب المصباح، واقعات تحت إغراء ربطة العنق الحمراء والبروتيل الأحمر وتسريحة الشعر التي يحرص الشاب الذي كبر على أن تكون مصففة بشكل أنيق.
المغرضون الذين يحاولون الإساءة إلى إخوان عبد الإله بنكيران بالادعاء أنهم يرفضون الحداثة ولا يؤمنون بالديمقراطية والحق في الاختلاف، سيصابون في مقتل وهم يرون سمير عبد المولى بين صفوفهم، وأنهم تفوقوا على كل الأحزاب بوجد مناضل "بلينغ بلينغ" بين صفوفهم، لا يتردد في الظهور أنيقا وباذخا، بشكل يتفوق بكثير على باقي رجالات السياسة في المغرب، وهذه نقطة ستحسب لصالح الإسلاميين الذين يؤكدون باستقطابهم للثري الطنجاوي أنهم منفتحون على الموضة السياسية وعلى البلينغ البلينغ الفرنسي في حكومة ساركوزي.
تحية تقدير إذن لحزب العدالة والتنمية على هذا الميركاتو الناجح الذي جاء في وقت حاسم لتعزيز صفوف الفريق بلاعب نجم، من المرتقب أن يصب دماء جديدة في عروق ناد كان إلى وقت قريب يرفض الاحتراف والاستعانة بلاعبين سياسيين أجانب، قبل أن يرضخ للواقع السياسي ولمتطلبات الانتخابات ويتخلص من طهرانية خطابه الأخلاقي ويقبل بتعزيز حزبه بملتحقين تتبعهم الكاميرات ويسيلون لعاب بعض مناضلي حركة 20 فبراير وبعض الأحزاب الأخرى التي كانت تتلمظ لإبرام صفقة معه، قبل أن يخطفها الإسلاميون من الجميع.
الشاب سمير عبد المولى الذي كبر الآن في عيون العدالة والتنمية يقر أنه معجب بتجربة الحزب الجديد الذي انضم عليه، ويعرف أن إخوانه في حاجة ماسة إلى نسخة مغربية من أردوغان، وهذا ما يفسر ربما اختيار ربطة عنقه الحمراء التي يشبه لونها نفس الربطة التي يضعها الزعيم التركي
حميد زيد رئيس تحرير الشروق