الحسين يزي.
أصدرت النيابة العامة بالرباط، صباح أمس الثلاثاء 17 شتنبر الجاري، بلاغا تقول فيه إن الوكيل العام لدى محكمة الإستئئاف أمر بالبحث مع مسؤول موقع "لكم" الالكتروني لبثه فيديو منسوب لتنظيم القاعدة، يضم دعوة صريحة وتحريضا مباشرا للقيام بأعمال إرهابية بالمغرب.
بعد هذا البلاغ تطايرت ردود أفعال، صادرة عن جزء من "قبيلة الصحافيين" وبعض من شعب "الفيسبوك"، استعار أصحابها قفزة المظليين المغامرين، واعتبروا أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات مع مسؤول موقع "لكم" علي أنوزلا، بسبب مواقفه "الجريئة". ومن باب "اللسان ما فيه عضم"، اجتهد هؤلاء "الجهابذة الطاهرون"، وأكدوا أن "الدولة" شنت حملة ضد مسؤول موقع "لكم"، ومولت مواقع إلكترونية ومنابر إعلامية للإجهاد عليه.
إعلان التضامن مع صحافي وقع في محنة، أو أوقع نفسه فيها مع سبق الإصرار، أمر مطلوب من حيث المبدأ. وإعلان التضامن معه كإنسان أمر ملزم دائما. والتشفي في حاله ووضعه كإنسان بواسطة مقالات متضمنة لقلة الأدب والكلام الساقط، أمر مرفوض مهنيا وأخلاقيا.
دعونا نحن "معشر الصحافيين" نبتعد عن منطق الاستخفاف "الأوتوماتيكي" بقرارات النيابة العامة، وبقوانين البلد. دعونا نبتعد قليلا عن منطق "التضامن البهلواني"، والتشكيك الجاهز دوما وأبدا في القضاء، وفي الأحزاب والنقابات والوزارات، وفي مؤسسات الدولة.
دعونا نحسم في القول، ولو من باب حسن النية، أن حرية التعبير في الصحافة ومن خلال الصحافة وحرية الرأي، لم تعد مشكلا في المغرب منذ أن رحل الملك الحسن الثاني ومات إدريس البصري، وأن تاريخ الصحافة الوطنية مليء بتضحيات صحافيين مناضلين حقيقيين. فلماذا نصر على سرقة تاريخ هؤلاء؟
دعونا نحسم بالتأكيد على أنه لا وجود لرأي عبر الصحافة، بدون مرجعية إعلامية أو فكرية أو سياسية أو حقوقية أو مذهبية واضحة، وفي حالة صدور رأي بدون هذه المرجعيات يبقى رأيا لقيطا، فاقدا للقوة الدافعة. ويبقى ترويجا مجانيا لبضاعة بئيسة لا علاقة لها بحرية الصحافة والحق في التعبير.
دعونا نعترف بأنه قد أصبح بيننا فاعلون سياسيون في جبة صحافيين، والأخطر أن المرجعية الإعلامية أو الفكرية أو السياسية أو الحقوقية أو المذهبية لبعض هؤلاء غير واضحة.
دعونا نتساءل ونتأمل هل يستطيع صحافي أعزل أن يناقش أركان الدولة المغربية، المتمثلة في الإسلام والوحدة الترابية للوطن والملكية، لوحده (غا بوحدوه)؟
دعونا نحسم أنه حين يخلط السياسي في جبة الصحافي بين المعارضة والتحريض المتعمد على العنف والإرهاب، دليل على أن عداءه للبلد أعماه بالمرة.
وأخيرا دعونا نحن "معشر الصحافيين" نطرح الأسئلة الآتية، وهي مُرقمة عساها ترسخ في الأذهان:
سؤال رقم1: كم عدد الصحافيين في المغرب المعنيين بالتسلط المفترض للدولة، وتضييقها المفترض على حرية التعبير وحرية الصحافة والرأي، وهل يمكن إدراج هؤلاء في خانة الصحافيين أعضاء هيآت التحرير؟
سؤال رقم 2: هل استنفذ الصحافيون “الواعرين" في المغرب و"قادة الرأي" كل هامش حرية الصحافة والتعبير المكفول بمقتضى القوانين والدستور المغربي، حتى يبحثوا على هوامش أوسع؟
سؤال رقم 3: كم عدد الصحافيين أعضاء هيآت التحرير المعنيين بتسلط أرباب المؤسسات الإعلامية الحزبية وشبه الحزبية و"المستقلة"، المكتوب منها والمسموع والمرئي، والمعنيين بقمع آرائهم والتضييق على حرية تعبيرهم من طرف “باطرونا" الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة؟
يا معشر الصحافيين ويا شعب الفيسبوك..."السكينة..السكينة مغنم".