بقلم: رشيد عنتيد
لست أدري لم يخون قياديو الجماعة إياها زوجاتهم، ويقترفون في غرف الفنادق البعيدة المتعة المتاحة لهم حقا عذبا حلالا في أحضان من عاهدوهن على الحب والإخلاص ؟ كيف يخونون وكتاب الله يتلونه صباح مساء في الصلوات، ولحاهم مسترسلة تقول للناس نحن المتقون؟
عادة تمر فضائح الجنس أمام ضمائرنا دون أن نلقي لها كثير اهتمام، لأننا تعودنا سماعها متفهمين للحظات الضعف التي قد تدفع أحدنا إلى الاستسلام لغواية الغريزة الماكرة..لكن فضائح الجماعة التي تطفو إلى السطح في هذه الأيام لا يمكن أن تمر مرور الكرام، خاصة في هاته الأوقات التي كثر علينا المنادون إلى الصلاح من كل الجهات، يمطروننا بمناسبة وبدونها بالبيانات والشعارات التي يفوح منها مسك الطهارة والعفاف والتربية على المنهاج القويم. وجند الله المتخرجون من المدرسة الياسينية التربوية يصرخون علينا في شوارع المدن والشبكات أنهم الخلاص للأمة وأنهم حاملوا الهداية للمؤمنين وللفضلاء الديمقراطيين..
قبل أشهر قليلة، تداول الإعلام صور بنت ولي الله الفصيحة الجميلة مع صديقها يوسف، يتمشيان في شوارع أثينا الجانبية وعليهما رداء السكينة، وعلى الوجه راحة نعرفها عندما يتحرر الجسد المقهور... وبعدها دوت في الآفاق أخبار وصور القيادي في الجماعة، الإطار المهندس المتعلم، يقتسم الفراش مع صديقته، القيادية هي الأخرى، زوجة صديقه ..يجذبها وتجذبه مثنى وثلاث، بالقواعد الشرعية المعروفة من تغطية الشعر وستر العورة والتمجيد والتسبيح والتحميد..وقالت لنا الجماعة في الأخير بعد زمن من الصمت المطبق اللازم للاستيقاظ من وقع الصدمة وهول السقوط: أن شمس الحقيقة تستهدفهم وأن صورهم الحميمة مزورة، وبشرونا بعجرفة أنهم منزهون من الخطيئة...كيف لا وعندهم ما ليس عند غيرهم: المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا..
للتذكير فالجماعة "جالسة" من سبعينيات القرن الماضي تستعد وتعد العدة للمهمة الحاسمة المسماة : القومة...لكن يبدو أن الجماعة فاتها أن إطالة الجلوس في الظلام يترتب عنه ورم المفاصل واعوجاج الظهر وعماء البصر وربما البصيرة.. ومن يقوم قومة واحدة بعد جلوس طويل يصيبه الدوار تجعله يبحث عن أقرب حائط يتكئ عليه خشية السقوط...ودوار القومة الذي أصاب الجماعة هذه الأيام شخصه العارفون بشؤون الجماعة بمتلازمة الحداثة التي تسبب فيها شبان نهضوا دون إذنها ولا منهاجها، يطلبون حرية وديمقراطية الآن عوض أن يطلبوا خلافة و خرافة الآن...وا أسفاه ضاع جلوسنا سدى..
هذا قيادي آخر من الجماعة إياها (التي أصبحنا نستحيي أن نذكر اسمها المذكور في القرآن)، متورط هو الآخر هذه الأيام في جريمة خيانة زوجته في مدينة الرباط في عز شهر الصيام والتوبة والغفران.. جريمة موثقة هذه المرة بالاعتراف المزدوج ووثائق الفندق..هو قيادي من مدينة خنيفرة معروف من زمرة القياديين لجند الله الأبرار المكلفين بمحاربة الفساد و إقامة دولة الخلافة الراشدة التي ينتشر فيها الخير و يفيض على زعير ..
شجرة من الغابة، أو الشجرة التي تخفي الغابة.. وشجرة الخيانة التي أشرقت عليها شمس الفضيحة لا شك تخفي ورائها غابة كبيرة متكاثفة.. لكنها غابة غير استوائية، تتغذى مع الأسف على انفصام الشخصية و كبت الذات، و تمجيد الوهم، و تقديس الحقد..
قياديون مغبونون، يكتشفون عندما يتوغلون في دهاليز الجماعة، أن ما بشروا به في البداية لم يكن إلا صدى كذب و أحلام، فيتحول الانتماء البريء مع الحيرة والزمن الى تواطؤ مع الكذب، و تتحول اللحية الا رأسمال و طريقة حياة تتلاءم شيئا فشيئا مع أنفاق الجماعة و دهاليزها التي ليس فيها مرات تغيير الاتجاه، ولا أضواء للديمقراطية، ولا علامات تشوير تبيح انتقاد عبد السلام ياسين..
قياديون وأتباع يطلبون إسقاط الفساد وذلك مطلب الجميع بالتأكيد.. لكن هل يسقط الفساد بالفساد؟.. لماذا لا تبدؤون بأنفسكم أولا وتسقطوا فسادكم مصداقا للأمر الإلهي الشامل : "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" وتتمة الآية تقول فيكم يا حسرة :"... و إيتاء ذي القربي، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعضكم لعلكم تذكرون"..لماذا يا ترى قياديوكم يخونون ذوي قرباهم و يقترفون الفاحشة والمنكر و البغاء، ويسمون أنفسهم أمام الناس عدلا وإحسانا؟
"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"، صدق الله العظيم..
لست أدري إلى متى سيستمر مسلسل هروب الجماعة إلى الأمام.. والإدعاء أن كل الحقيقة مجموعة بين يديها وفي منهاجها، وأن الباطل موجود فقط.
من الجهة الأخرى؟..إلى متى ستظل الجماعة تدنس الدين بلا استحياء في سبيل أن تبقى الاختراعات الياسينية قابلة للتصديق وتجنيد الدراويش وتحصيل المداخيل؟..
إذا اختارت الجماعة أن تبقى وحيدة في جزيرة الوقواق وياسينها يعتبر نفسه المهدي المنتظر فذلك يلزمهم لوحدهم.. أما أن يخرجوا علينا (من الخوارج) يلبسون قبعة إخفاء اسمها عشرين فبراير، ويعتقدون أن جميع المغاربة هم بالضرورة أتباع في تنظيمهم، فهو اعتداء على الغير غير مقبول لن يطول..أولى بكم أن ترأفوا بأنفسهم وتصمتوا عن الترهات و تستروا العورات التي سترها الله، وتستغلوا ما تبقى من فرص البقاء في إسقاط الفساد الذي فيكم والتحرر من الشرنقة اليتيمة.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.