رمضان مصباح الإدريسي.
لايهم أين التقطت هذه الصورة ،الصفراء الفاقع لونها .
أقول لا يهم لأنها مجرد بطاقة معايدة، مهداة من طرف بعض ساكنة وَهْم تامزغا الى ساكنة اسرائيل-لكن من غير العرب- ربما بمناسبة العام اليهودي الجديد. شحنة عشق جارف - بكل قوة وطيش المراهفة- للصهاينة؛ وفي ركابها صعقة كراهية حارقة،للعرب قاطبة.
هي صورة أمازيغية - بالدرجة الأولى- اعتبارا لوجود علم تامزغا الكبرى الذي أصبح ناسخا ،حتى في شوارعنا،للعلم الوطني؛واعتبارا للون الأصفر الفاقع الذي اختير لرسالة الحب والكراهية معا.
الزرقة،والبياض،وهما موزعان –بكثافة- بين الأعلام الإسرائيلية والسماء؛يوحيان باستغراق طوفاني ؛و يحيلان على إسرائيل الكبرى الحاضرة في اليقظة؛لأنها حاضرة في "بروتوكولات حكماء صهيون "عكس تامزغا الكبرى الحاضرة في الحلم،وفي بروتوكولات باطنية.
الفرق بين اليقظة والحلم بيِّن ،إلا للذي به مس من التاريخ ،وحتى من لعنة الأسلاف،كما يفهمها أفارقة الأدغال .
يرد في البروتوكول الأول:
" والظفر الذي بلغناه قد جاء أيسر وأهون؛لأننا في تعاملنا مع الناس الذين احتجنا إليهم،كنا نضرب دائما على أدق الأوتار حساسية في ذهن الإنسان؛ومن جملة ذلك الدفع نقدا،واستغلال النهمة نحو المال،والشره إلى الحاجات المادية للإفساد.وكل واحدة من هذه النقائص الإنسانية ،إذا عملت وحدها ،كانت كافية لتشل نشاط الفرد كله،وتجعل قوة إرادته مطاوعة ملبية،مستجيبة للذي اشترى منه العمل." انتهى الاقتباس عن النص الانجليزي.ترجمة المؤرخ عجاج نويهص.
تتمثل اليقظة الصهيونية في غلبة اللونين على الصورة؛أما الحلم فيحيل عليه تناقض صارخ فيها:المفروض أن يُعلن الحب من طرف الكثرة للمفرد، لأنه الأحوج إليه ،وليس العكس: أي أن يعلن الإسرائيليون،في الصورة،وبلونهم المفضل،أنهم يحبون شعب تامزغا،ويكرهون العرب؛لكن –خلافا للمألوف- تكشف الصورة حقيقة كون الحب من طرف واحد. هذا النوع من الحب ،كما هو معروف حتى في التراث الشعري الأمازيغي،لا يورث غير الجنون؛ولا أبالغ حينما أقول إننا أمام مجانين إسرائيل.وهم شوارد وقلة على كل حال.
ولماذا عدم اقتصار الصورة على إعلان المحبة فقط؟ لأن إسرائيل لا تقبل حبا من أحد –حتى وهي تجامل فقط- إلا إذا كان مقترنا بكراهية صريحة ,ومعلنة،للعرب. أخيرا رفضت الدولة العبرية تهنئة إيرانية رسمية ؛واعتبرتها منافقة تظهر خلاف ما تبطن.
أكُلُّ هذا في صورة واحدة ،يا هذا القومجي العروبي؟ نعم وأكثر:
لا حظوا الراية الإسرائيلية المهيمنة على الصورة،والتي تعلوا على ما سواها:إنها تخفي وجه الشخص ،المفترض أنه من رسل وهم تامزغا إلى إسرائيل. انه الإخفاء الذي يكمل ما يحققه الاستغراق. إخفاء وجه غير يهودي، والإبقاء على الراية مُحاصرة؛حتى وهي مناصرة.
هكذا اليهود ،عبر التاريخ ، لا يثقون حتى في الشفاه ؛ولو لم تبتغ غير الهمس المتيم،في آذانهم.
اشتغال المتن مغربيا:
صفحة الفيسبوك التي نشرت الصورة تحمل عنوان "شخصيات أمازيغية"؛وهي لأمازيغي جزائري،من" تزي وزو"؛ينسب نفسه للمسيحية،ويقيم في كندا. يدلي في الصفحة برسم للمسيح ،بدل صورته الشخصية.
يبدو أن أحد زوار الصفحة استشاط غضبا،وتمنى،في تعليقه، لو كان هتلر حيا. لم يكن الرد من صاحب الصفحة وإنما من زائر إسرائيلي.يقول - حفظه الله من حب المجانين-ما ترجمته:
"ان هتلر لم يعد من هذا العالم،أيها الحِجابي؛لكن الاسرائليين هنا للتعامل مع مؤخرتك ،بما تعرف..."
إسرائيلي في ضيافة جزائري أمازيغي مسيحي.
في المغرب ،المرشح ليكون غرب تامزغا انكارا لكونه الغرب الإسلامي - والذي يُنصح أمراؤه، من الآن،بتعلم الأمازيغية الخطابية ليفهم عنهم مواطنوهم في المستقبل- لم نصل بعد الى هذا ؛وان كنا وصلنا الى الاستضافة المتكتمة.
ولولا اتقان اسرائيل للاحراج - كما فعلت مع الرئيس المصري المعزول،اذ كشفت عن رسالته الى عزيزه الرئيس الاسرائيلي- ولولا درايتها ببلاغة الصورة،في صفحة مراهقة من الوفد الزائر، لما عرفنا الحكاية. مثل هذه الأمور الباطنية لا يكشف عنها عصيد حتى لكتائبه.
ومما يدل على الارتباك ،اللجوء الى الانكار أولا ،ثم الاعتراف المموه؛ثم اللجاجة في مدلول التطبيع.
حالَ هذا الارتباك دون تأطير مخاتل للكتائب الرقمية ،وفق متطلبات المرحلة.
ومن هنا الإعصار العرقي المتوحش الذي شكلته الردود الهوجاء على كل من يرفض الغدر بالشعب الفلسطيني ،والتنكر للشهداء المغاربة في الجولان وغيره ؛ بل الهرولة في جميع الاتجاهات المفضية الى اسرائيل ؛في فضح لأغلب بروتوكولات الحركة الأمازيغية الباطنية المشتغلة عرقيا ،لغويا ودينيا.
أما الشاعرة مزان فلم تجد أدنى حرج في الاعلان ،من ميدان رابعة الأمازيغية،حيث تمارس نضالها الألفبائي –ولعله الأول،من نوعه، في التاريخ الأمازيغي-بأن استقبال عصيد للوفد الاسرائيلي شرف تحلم به.هكذا ودفعة واحدة تجود قريحتها بقصيدة عشق للباب العالي الصهيوني؛لكنه دائما عشق من طرف واحد يورث الجنون ،حتى بالمؤنث.
لا تهرولي أيتها الشاعرة ،ولا ترخصي الثمن،فأنت ،وصيتك، أغلى من تذكرة سفر الى تل أبيب.
بروتوكولات باطنية من قبيل:
أحكموا اغلاق أبواب الأمازيغية بأقفال تفناغ لتجهضوا مغربتها. خذلوا عن ديكتاتورية العرق، بادعاء النضال الثقافي.
الأمازيغية حاكمة على الدستور وليست محكومة به.أشيعوا الفتنة العرقية لتنهار الأنظمة المغاربية أمام تامزغا الكبرى.
عززوا العرقية بانهيار القيم والأخلاق. نعلن تامزغا ،من الآن، لادينية.وظفوا خطاب العلمانية ،بمكر،وتجاوزوه بسرعة.
لا تقتلوا حلم تامزغا بمطالب اقتصادية واجتماعية. لا ترضوا لأبنائكم غير الأسماء المستفزة للقاموس العربي.......
وكل مالم يتم التنصيص عليه في هذه البروتوكلات يرجع فيه الى "بروتوكولات حكماء صهيون" لأن ظروف ودواعي قيام تامزغا الكبرى تتشابه ،حد التطابق،مع اسرائيل الكبرى .الوصفة جاهزة ومجربة.
وماذا بعد؟
يحز في نفسي ،أنا المغربي - وبمتوسط حسابي جيني يختلط فيه ، بالتساوي، الدمان العربي والأمازيغي- أن أكتشف أن لبروتوكولات حكماء صهيون ؛وهي تختزل كل البشاعة السلوكية والسياسية التي أرساها خبثاء البشرية ،منذ الأزل؛اشتغالا أمازيغيا أيضا . اشتغال لا يزال جنينيا في زمننا هذا :مستهل الألفية الميلادية الثالثة،لكنه سيتطور حتما مادام الأساتذة صهاينة،وما دام الأمازيغ لهم سوابق،عبر التاريخ، في التبعية للشعوب الغالبة ؛اذ يكفيهم فخرا نعت الأحرار ؛ليتحرروا حتى من اقامة الدول.وقد حيرت هذه الوضعية كبار المؤرخين الأجانب.
سيكتب مؤرخون لا حقون في الألفيات المقبلة بأن اسلام الأمازيغ ،وقد اقام لهم صيتا ودولا، كان استثناء ،لم يقو على الصمود للصهيونية المدعومة عالميا.
ورغم كل شيء ستتواصل جذوة الأمازيغ الأحرار فعلا ،بعيدا عن الشوارد.
Ramdane3.ahlablog.com