بقلم يحيى السباعي
لماذا لا يفتح "أفساسي" وكالة حرة يعرض من خلالها خدماته بشكل رسمي لكل من أراد "التنفيس" عن أمعائه المنتفخة و مزاجه المعكر في هذا الزمن الرديء؟ يالله "أسي أفساسي" ، فهذه فكرة لا ضير من أخذها على محمل الجد، فأنت أهل لكل هلوسة ولن نبخل عليك بالأفكار الأكثر حمقا، علك تلفي فيها ما يشفي غليلك الدفين من حب السفور الشعبوي، بل و سنقتني لك قبعة شبيهة بتلك التي اعتمرها تشي غيفارا، مع مراعاة حساسيتك اﻹسلاموية بالطبع، و سوف نصنع لك درعا كالذي لبسه الدون كيشوت كي لا تخطئك العيون الشاخصة لظهور المهدي المنتظر.
قد تؤرقك مسألة الزبائن أسي "أفساسي" ؟! فلا عليك وما "تضرب حساب". فلدي الثقة بأنك "قدها وقدود" كما يقول المصريون، و كيف لا؟ فجاري، مثلا، مصر على شراء خدماتك لابتزاز المسؤولين عن توزيع الماء والكهرباء، بعد أن تم حرمانه من الخدمات لانقطاع أدائه. و الحومة "باغياك تدير معاها يد الله" لجز رأس الحكومة المتخاذلة في ترجمة وعودها لبسطاء العقل. بل إن زوجتي بدورها أصبحت تفكر، بعد انبهارها بقدرتك النادرة على التشويش، في اللجوء إليك لتشهر بي بعد أن ألمت بها مؤخرا هستيريا الغيرة والعياذ بالله. فكيف تحرم لسانك و لا تكري "حنكك" لكل هؤلاء و هم الراغبون في موهبتك المنقطعة النظير؟
أنا مقتنع بأنك "قابل ضيف الله أسي أفساسي" و شخصيا لن يفاجئني أن يقصد وكالتك كل من اعتل كلبه وضمر عشب حظيرته لمرافقته بلا حرج أمام وزارة الفلاحة أو وزارة الصحة، لتحتج أمام مقراتها و تدنسها في الصحف لإهمال بشع كهذا.
ولن أدهش أن يأتيك كل من كان شعره أشعتا لتهذب خصلاته الملعونة وترفع يافطات الاحتجاج ضد جيناته الموروثة وتلوث الهواء الذي ستقنعه حتما بأنه من أسباب "شعكوكته". بل أنت ممن لن يترددوا في رفع شعار "لا للزلزال" إن حدث.
قد تتواضع رياء وتدعي بأنك لا تملك كل الزاد والعتاد لمهنة حرة من هذا الطراز! فلا تبخسن قدرك. فأنت "باص بارتو" تملك الجرأة على ولوج سوق المساومات والرهانات "بصنطيحتك" العريضة، و هذه أهم شروط النجاح للمكتب الذي نقترحه عليك. و على كل حال، لست أعرف في المغرب "فكاك وحايل" أصلف منك ولا حكواتيا أكثر ثرثرة منك. خشمك يمكنك من ترصد الممسوسين لاستعراض بركتك في إخراج الأوهام المعششة في الرؤوس للعلن. فلا يردعنك وازع و لا حياء ما دامت الحصانة البرلمانية تمكنك من "التبركيم" كما يعن لك. و في المنتهى، من يدري؟ فلربما توافدت على وكالتك الرسل من جمهوريات حكام اليوم الواحد لتتشرف فيها بحقيبة "البروباكندا" اللائقة بك ما دمت لن تحلم يوما بأي منصب وزاري في هذا البلد.
أسي أفساسي " كون هاني"، فأنت لن تجد مع مشروعك الجديد متسعا من الوقت للتسكع كما كنت تفعل في حياة أخرى، و ما دمت لا تحار في خلق الزوابع داخل فناجين المريدين و تتقن لعبة الكراسي الموسيقية التي تفوح رائحتها في ردهات حزبك، فستضمن لمقاولتك النجاح "للي يبرد غدايدك" و يجلب نحوك كل سادي يستبد به شبق إبليسي. الفرق الوحيد بين قبل و بعد المقاولة هو أن عليك مطالبة كل هؤلاء بالأتعاب، و إن كان الدفع مسبقا فسيكون الأمر أسلم ما دمت لا تستطيع أن تضمن المستقبل. فمن يدري، فلربما توبعت أمام المحاكم و حينها لن تنفعك شفاعة "الممرمد" في حله و ترحاله.
المهم توكل على شيطانك. فالبرلمان ضاقت على لسانك أرجاؤه، و"تعربيدك" لم تعد تسعه الصحف الكلاسيكية و الرقمية. لهذا أشفقت لحالك و سمحت لنفسي، سامحني الله، باقتراح هذه المقاولة الشيطانية لتخوض في "البزنس" الفضائحي بشكل أفسح وأغنم. أما و إن تلكأ المسؤولون عن الملكية التجارية في الترخيص لك، فما عليك إلا أن تقارعهم "بلباقتك" إياها.