بعدما استنفذوا الحديث عن ميزانية القصر الملكي، موهمين القراء خاصة، والناس عامة، أن الأمر يتعلق بـ "خبطة" إعلامية، و"سبق" صحفي، بالرغم من أن تفاصيل هذه الميزانية تتضمنها مشاريع القوانين المالية المحالة على البرلمان، منذ زمان، وتُنشر بالجريدة الرسمية، عاد موقع "لكم" في صيغته الفرنسية، إلى "قصة الوهم" هاته، من خلال محاولة "التسلل"، هذه المرة، إلى دهاليز الإقامة الملكية.
وبما أن الدهاليز عادة ما تكون غير مضاءة، فإن "الكاتب" لم ير غير الظلام، فأطلق العنان لمخيلته العنيفة، التي تنضح بالحقد الأعمى، خدمة لأجندة محددة سلفا، بعناية فائقة، من أجل إثارة الانتباه.
وهكذا تحدث المقال عن إصلاح الإقامة الملكية الخاصة، وبتفاصيل تدفع المرء إلى الشك فيما إذا كان الموقع هو المقاولة التي تتولى مشروع الترميم، إذا ما كانت هناك، فعلا، أشغال ترميم في هذه الإقامة.
وحاول المقال، الإيهام بامتلاك الحقيقة، من خلال أرقام لا يصدقها حتى الخيال، و الإدعاء مثلا أن الإقامة ستستهلك من الكهرباء ما ستستهلكه مدينة سلا، التي يقطنها حوالي مليون من السكان...
ومن دون الدخول في باقي التفاصيل من حكاية الأبواب، والحمام، والتلفزات، والعمال الذين تم استقدامهم من الفلبين، والأرز المستورد خصيصا لإطعامهم، وهي تفاصيل تبلغ منتهى ليس المبالغة وإنما الافتراء، يتضح أن المقال يخدم أهدافا مبيتة، ويروم التأليب والتحريض على مستويين اثنين:
داخلي، من خلال اختلاق ورش بناء في الإقامة الملكية، لا وجود له أصلا، والتضخيم في حجم الأموال التي يزعم المقال صرفها بهدف استغلال ذلك في التحريض على المزيد من الاحتجاج، وإظهار كل مشاريع الإصلاح التي دخلت فيها البلاد وكأنها لاشيء بالمقارنة مع تكاليف إصلاح إقامة ملكية.
خارجي، من خلال تقديم مادة إعلامية مخدومة للصحافة الأجنبية، ولا غرابة بعد ذلك أن تستثمر "البايس" الإسبانية في ذلك، وتعيد نشر المقال، مؤكدة على الاستمرار في عدائها للمغرب، ولو اقتضى الأمر تبني أخبار كاذبة، كما في هذه الحالة.
والغريب، أن كاتب المقال، لم يحدد بالضبط أين يوجد مقر الإقامة، ولا اسم الشركة الفرنسية التي تم استقدامها لاستكمال الأشغال، ومصدره في كل ذلك شخص قريب من المشروع.
والغريب أيضا أن يُتابع المقال شخص الملك، وهو يجوب هذا الورش، ويبدي ملاحظاته على الأشغال، ويُصدر التعليمات، وكأنه يُرافقه في مثل هذه الزيارات.
من السهل جدا نشر الكثير من مثل هذه المقالات، التي تختلق الأكاذيب وتصدقها، لكن من الصعب إثبات مثل هذه الإشاعات، التي لا مغزى لها سوى تضليل الرأي العام، بعد أن اطمأن وانخرط في التحولات التي تشهدها البلاد، غير أن الكثيرين ليس من مصلحتهم أن تهدأ الأجواء، لذلك يبتدعون بين لحظة وأخرى ما يشغلون به أنفسهم من أوهام، ويقتاتون به من موائد الخصوم.