إنجاز كبير سنباهي به الأمم حققته حركة التوحيد والإصلاح، ويتمثل في تنظيم مهرجانها الفني الوطني الأول بمدينة مكناس، والذي سنبز من خلاله مهرجانات أفينيون وكان والبندقية وبرلين ومراكش مجتمعة ، وهي كما نعلم كلها مهرجانات منحرفة ومنحلة أخلاقيا وكافرة وغير ملتزمة.
و إلى الذين لم ينتبهوا ولم يكتبوا عن هذا المهرجان الفريد من نوعه في كل العالم، لدواعي معروفة، وبالنسبة لكل المغرضين والحساد، نقول إن الدورة الأولى من مهرجان حركة التوحيد والإصلاح لم تتسلل إليها أي قبلة، ولم يعانق أي ممثل أي فتاة جميلة، ولم يكن هناك عري ولا كلام خادش للحياء، فقد اختتم المهرجان برنامجه الحافل دون أي شيء من نواقض الوضوء، ومرت كل الأنشطة بسلام، ونال المشاركون دزينة حسنات على الأدوار التي أدوها والمسرحيات والأفلام التي مثلوا فيها والأناشيد التي أنشدوها.
هناك تصور عميق لدى هذه الحركة الدينية للفن لا يستوعبه إلا الضالعون في العلم، حيث مع الوقت يكتشف الجمهور أنه لا يستمع إلى الموسيقى ولا يشاهد الأفلام وأن قاعة المسرح ليست كذلك وإنما هي دار عزاء ومأتم يتألم فيه الجميع وتذرف الدموع وتنتحب النساء وتولول وتشق فيه الجيوب وتلطم الخدود، وهو تصور غير مسبوق يجعل من الفن رسالة تبث الحزن في النفوس وتقمع المتعة واللذة والجمال، لأن الشيطان يكمن في هذا الثلاثي الخطير، الذي تأخذ الحركة على عاتقها مهمة محاربته.
والذين يدعون أن حركة التوحيد والإصلاح تحارب السينما والفن عموما، فقد كان هذا المهرجان دليلا على بطلان ما يدعونه، إذ استمتع الجمهور بفيلم"الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء" الذي يبدو أن الإسلاميين المغاربة يفضلونه على كل ما أخرجه فلليني وإنغمار برغمان مجتمعين، ويعتبرونه تحفة سينمائية يمكن أن يظل الناس يشاهدونها إلى الأبد دون أن يصيبهم الملل، رغم أنه أنتج وعرض قبل سنوات عديدة.
اختيار الحركة لهذا الفيلم ليكون نجم المهرجان الأول لم يكن اعتباطيا، بل نتيجة مشاورة مع نقاد سينمائيين ملتزمين بمكارم الأخلاق، اعتبروه هو وفيلم"الرسالة" أفضل ما أنتجته السينما العالمية منذ الأخوين لوميير، ومن المتوقع أن يبقى هذا الشريط يعرض كل سنة، لأنه وحده من يتوفر على شروط الفن صاحب الرسالة.
طبعا علينا أن نفتخر بهذا المهرجان الذي تفوق على مهرجان أفينيون ونجح نجاحا باهرا لا ينكره إلا الجاحدون، وتميز على كل المهرجانات الأخرى المعروفة في كل أنحاء العالم كونه الوحيد الذي يتلقى دعما وسندا من الله سبحانه وتعالى، وذلك بشهادة مسؤول الإنتاج الفني بحركة التوحيد والإصلاح، الذي صرح بعظمة لسانه أن المهرجان في دورته الأولى عرف نجاحا بتوفيق من الخالق عز وجل، على عكس باقي المهرجانات التي وبدل أن تتوجه إلى الصلاة والعبادة والإكثار من الدعاء، تطلب الدعم من المستشهرين ومن مؤسسات الرعاية، وفي ذلك طبعا شرك مبين.
تحية إذن إلى منظمي هذا المهرجان، الذي سيضيف إضافة نوعية إلى الفن المغربي، والذي بفضله ستنبت للسينما المغربية لحية طويلة وستضع الموسيقى حجاجا وستغطي مفاتنها لئلا تظل عورة ويفتتن الجمهور بجمالها القاتل.