سئم الجزائريون تكاليف حياتهم التي تمثلت في الذلة والحرمان و التهميش ومرارة الفقر.
ومرت الأيام ...و الأشهر و السنين حتى مضى عليه خمسون سنة من الحكم على النظام الطاغي المستبد و المسيطر على شعبه بكل صفات القهر و الترهيب و الحكم الجائر.
لقد سئم الجزائريون والجزائريات من القتل والخطف القصري والتهجير و الاستفزازات و غلق أبواب الحرية و حرية النقد و التعبير بما يشغل باله أو يختار مساره أو يختار من كفاءات الجزائريين الذين هم على دراية و قدرة على الحكم الراشد و التسيير للمضي قدما بهذا البلد إلى بر الامان والعيش الكريم وإرساء العدالة الاجتماعية و العدالة بصفة عامة.
لقد سئم سكان بعض مناطق الوطن و بعض الولايات و أكثر البلديات من الفقر و التهميش و العزلة و ملت العيش في البطالة و أصبحت بدون أمل في وجودها على التراب الوطني و صارت في ظل النسيان من طرف الطغاة الذين هم على هرم السلطة متشبثين بمناصبهم من اجل النهب و السرقة و استغلال ثروات البلاد لصالحهم و لصالح و مصلحة من اوتي بهم على ظهور الدبابات من الحركة و القياد و الباشاوات أو أبنائهم و ذويهم و كل من يرقص و يصفق لهم. فأما الأحرار و بقوة المال و السلاح و العسكر و القوانين الجائرة قد تم تركيعهم و لجمهم أو تعتيم كلمة الحق و الحقيقة و أصبحو عبيدا للمافيا و سفاكين الدماء.
لقد سئم سكان الجنوب في صحراء الجزائر الغنية بالثروات الباطنية من البترول و الغاز و الذهب و هذه الناحية التي أصبحت مرتعا لأرباب الأموال والأعمال من الشركات الأجنبية بتواطؤ و عمالة المسئولين الجزائريين غير الشرعيين و لا مصداقية لهم و كأن هذا البلد كله ملك لهم ورثوه عن من .. لا ندري؟ ينهبون ويسرقون ويستغلون الشعب كعبيد لهم .
لقد سئم شباب الجنوب و انتفض و تحرك و توحد بمساندة كل الجزائريين لمطالبهم المشروعة و ككل الشباب الجزائري أينما كانوا و في كل قرية أو ولاية فله الحق الذي يكفله له الدستور من حرية التعبير و الانتقاد و التظاهر و التعليم و الصحة و العمل الشريف و العيش الكريم.
ويا للأسف كل هذه الحقوق أصبحت ومنذ خمسون سنة في مهب الريح و ما هي إلا حبر على ورق فمن حق سكان جنوبنا الغنى الفقير و ككل المواطنين أن يتحركوا ويخرجوا إلى الشوارع في مظاهرات و اعتصامات سلمية للحصول على غرضهم و حقهم المهضوم.
فمن حق الشباب الجزائري أن يندد و يطالب بالتغيير و إسقاط النظام أي النظام برمته و بإسقاط الجنرالات و حكم العسكر و مهربي الأموال أي أموال الشعب و محاكمة هذا النظام الفاسد و محاكمة المافيا الجزائرية التي اختلست أموال الأمة الجزائرية وكسبت شركات و فنادق و محلات تجارية و كازينوهات و عقارات و سكنات فاخرة و تملك حتى أسهم في البورصات العالمية في الخارج لتغذية أعداء الجزائر في الداخل و أعداء الأمة في الماضي و الحاضر.
فشعب الجزائر حر موحد و مسلم له رب يحميه من هذه الزمرة الحاكمة و بالصبر والثبات والشجاعة و الاحتكام إلى استعمال التربية والأخلاق الحسنة وسلمية المظاهرات و الاعتصامات بحضارة متحضرة في تحركات المجتمع المدني الجزائري والاستمرارية في المطالب هي أفضل إستراتجية لإعادة بناء الثقة في النفوس وبين شرائح المجتمع الذي يهدف وبالضرورة للتغيير الجذري والإطاحة بالظالمين ومجالسهم الخائنة والمستبدة و الوصول إلى محاكمة الطغاة باستمرارهم في طغيانهم إلى ما لا نهاية بدعم و املاءات و أوامر أسيادهم من خارج التراب الوطني.
لقد سئم الشعب الجزائري من التعليمات الرئاسية الفارغة المحتوى وتأكد الشعب من خلال التجارب والملاحظات والمراقبة والمتابعة والمعلومات التي تأتي من هنا وهناك عبر التراب الوطني وبعد التحاليل واستطلاعهم آراء الشارع الجزائري بأن كل هذه الإجراءات والتعليمات والتصريحات والوعود والزيارات وتغيير الولاة ورؤساء الدوائر ما هي إلا ذر الغبار على العيون وكلها كاذبة ومخادعة وجوفاء وان كان هناك شيء فهي إلا حلول ترقيعية لا غير فكلهم يكذبون وينهبون ويسرقون ويتكتمون ويتسترون على بعضهم البعض من المسؤول البسيط على مستوى القاعدة إلى القمة أي إلى اعلي هرم السلطة فكفى من الكذب والوعود الكاذبة والنهب والترهيب والمغالطات والاستفزازات فالشعب الجزائري قد استيقظ وتفطن وبدا ثورته نعم إنها بداية ثورة حقيقية لإزالة الطغيان والطغاة واسترجاع كرامته في بلده ويطالبكم بالتغيير لكل النظام ويطالبكم بالرحيل.
ومهما طال الزمن والشعب وراءكم يتابعكم ويحاسبكم بما تكبده ويحاسبكم على أمواله وثرواته وحريته وحقوقه التي سلبت منه قهرا ومهما طال الزمن فلترحلوا كما رحل كل حاكم جائر كتونس وليبيا ومصر ومن حكام الدول الأوروبية والغربية وهذا اليوم آت لا ريب فيه حتى وان كان المشوار والطريق طويل والنهج صعب ولكن ليس بالمستحيل فارحلوا قبل فوات الأوان كفاكم ما فعلتم يا أعداء البلاد والعباد فلا تنعموا بالأمن والأمان والخوف يتابعكم حتى في مضاجعكم عند النوم فإرادة الشعوب لا تقهر ولا تنكسر فاعلموا أنكم تعديتم حدود الله ومن يتعدى حدود الله فق د ظلم نفسه .
خلاصة القول ارحل أيها النظام الطاغي ارحلوا أيها الطغاة ومصيركم كمصير أولائك الأولون كمصير كل خائن الأمانة, أمانة الشهداء وأمانة الوطن وأمانة التسيير والحكم الصالح.
مداني الجزائري: كاتب مستقل, باحث ومحلل سياسي متخصص في الشؤون العربية والدولية.