|
|
|
|
|
أضيف في 29 غشت 2013 الساعة 48 : 10
طارق السعدي
المجموعة : صَفُّونا .. صفّاً .. صفّاً الأجهرُ صوتاً والأطول وضعوه فى الصَّفِّ الأول ذو الصوت الخافت والمتوانى وضعوه فى الصف الثانى
أعطوا كُلاً منا ديناراً من ذهب قانى برَّاقا لم تلمسه كفٌ من قبل قالوا : صيحوا .. زنديقٌ كافر صحنا : زنديقٌ .. كافر قالوا : صيحوا ، فليُقتل أنَّا نحمل دمه فى رقبتنا فليُقتل أنا نحمل دمه فى رقبتنا قالوا : امضو فمضينا
الأجهرُ صوتاً والأطول يمضى فى الصَّفِّ الأول ذو الصوت الخافت والمتوانى يمضى فى الصَّفِّ الثانى "مع الفاظهم الاخيرة يخرجون من المسرح
― عن صلاح عبد الصبور, مأساة الحلاج
كَهْرَبة المجتمعات وتهييج الجماهير تنامى العنف اتجاه المؤسسات عبر العالم بشكل عجائبي طيلة الاعوام القليلة الاخيرة، كما هو حال الخطابات السياسية والايديولوجية التي تنحو يوما بعد يوم اتجاها متطرفا ًوعنيفا يحمل في جزيئاته عناصر مشكلة لتغذية اعلامية صار العالم يفطر عليها صبحا ويمسي متعشيا على ايقاعها اللذيذ. وتحول الشارع العالمي إلى الوسيلة المثلى بل الفضلى للمطالبات والاحتجاجات واعلان الوجود، فغدت له شرعية اكبر من شرعية الصناديق نفسها (مصر نموذجا خالصا). فالعنف في تطور على مدار الساعة، معبرا عن ذاته بأشكال مختلفة قد تبدأ من تحطيم واجهات المتاجر والمنشآت الخاصة إلى إشعال النيران بالمكتبات التاريخية (مكتبة الإسكندرية نموذجا) ومرورا بإشعال النيران ذاتها بمقرات الهيآت السياسية والجمعوية والنقابية (على شاكلة الأفلام الهندية). فلم تعد الجهات المحتجة تبلي تفكيرا في الطرق التي سيتم التعبير عبرها، بقدر ما صار الهم العالمي نحو الوجهة الميكافيلية وطرق تسويق العنف على أكبر نطاق سيبرنيتي ممكن. ولا يجب أن تفاجأ عزيزي الحيران، لو رايت بعينيك التي في راسك وسيلة إعلامية كبرى أو حتى مؤسسات ذات قيمة معنوية في زمن خلى وهي تلوح بمجد خاطف رهائن أو صناديق اقتراع أو واضع قنبلة في زمن ما أو قاتل مباشر حتى. لقد اصبح فجأة من "واجب" الماس ميديا وكارتلات الإعلام كَهْرَبًَةُ المجتمعات ذهنيا ثم شَيْطََنَة الشخصيات او البلدان أو الافكار لترفع من درجة "هيجان الجماهير" ليسهل بعد ذلك تخويفها من المجهول أو المعلوم أو النموذج الإعلامي. وتحولت مبادئ أممية وحقوقية رائدة في لمح البصر إلى سراب، "حقوق" تربت عليها أجيال ولغطت بها نفس الكارتيلات الاعلامية سنين وأعوام، صارت في خبر الكان-ميديا، إذ لم يعد مهما سوى الآني الزائل بعد قليل. "أخلاقيات" جديدة طلعت على السطح من قوانيها : لا بأس من تخوين شخص ما بالاسم والعلن في صحيفة ما على سبيل المثال المزعج، فلم يعد الامر خطأ مهنيا مريبا، أو نشر فيديوهات خاصة أمام الملايين لأشخاص ومؤسسات، فالخصوصية لم تعد من ضمن محميات القانون بل صارت واجهة تقنية تخص العالم الجديد الذي يتخلى يوما بعد يوم عن "الخصوصية الكلاسيكية". أو ما تبقى من العذرية الثقافية والاجتماعية لمجتمعات ما بعد حرب الخليج الأولى. لاتجزع أخي الدهشان، إذا لم يحرك عُتات الفكر والثقافة والسياسة في بلدك ساكنا من جراء ما تعتبره أو كنت تراه ظواهر إنسانية وجبت حمايتها كما تحمى الكوالا ببلدان المعمور. فالعالم يأتمر للآلة الآنية ولا مجال للتحليل قطعا، فجز الرؤوس وقطعها وسحل الجثث مباشرة على اليوتيوب أسهل وأكثر تعبيرا على واقع الحال. حتما ليست أعمالا إرهابية كل الأعمال العنيفة التي نتابع يوميا على الشاشات المضيئة لكنها غدت من نفس الروح والعائلة بل ومن نفس المنطق بالرغم من اختلاف الشعارات والعناوين المرفقة. فالجواب الذي تشقى الجماهير في انتظاره لم يعد بالسياسة بل يوجد حتى خارج الشرعية. وتغذي الازمات الاقتصادية والاجتماعية ما يعتقده ويقترحه بعض الشباب كحل نهائي للآلام الجماعية للأمة، على غرار مقترحات الحركات العنيفة في السبعينيات من القرن الماضي وأهمها وقت ذاك تلك المنطلقة من اليسار المتطرف. إن الشعور الافتراضي بالانتماء لأمة افتراضية أصلا، يجد ضالته المنطقية بشكل متوافق على الأرض الرخوة للشبكات الإلكترونية، فترى بشكل موازٍ عجيب تهاوي مدنا عربية وإسلامية من قارات غير متشابهة بسيناريوهات شبه حرفية، ملخصها : التجربة على الهواء لأنماط حُكْمِية ببعض البلدان الثالثية في واحد من أكبر المحترفات الكونية غرابة على الإطلاق. العزيز مثلي، من سيصدق بعد اليوم قلقك العاطفي من تنامي سيلان الدم في "الوطن العربي"؟ أو هل تعرف جارا لك يهتم باحصاءات الموتى اليوميين ببغداد ؟ كم من شخص يتوقف لاكثر من ثوان امام خبر ضحايا الارهاب العالمي سواء كان قاعدة او ارهاب دول او حتى اجرام عاد تحول بقوة الاعلام المهيمن الى منوعات تنشر على مقربة من اخبار النجوم والبابرازي. "هم" من صاروا يحركون عواطفك الشرقية أو الإنسانية، يبكونك متى شاؤوا ويهرجونك متى رغبوا. حتى غدت لعب الكراكيز التقليدية أذكى وأحلى مما يقومون به الآن من تهييج لعواطف الجماهير المتعبة ثم التنويم المغناطيسي الجماعي قبل "لقطة" الخروج للشارع : مالك القدسية الجديد وصاحب الكلمات الأخيرة وياليتها كانت الأخيرة. قد تكونون مائة فتصيرون آلافا وقد تكونون آلافا لتتحولوا إلى ملايين. وقد لا تكونون أصلا فتكونوا وفق روايات موثقة بفيديوهات مرتعدة لقناصين هواة... فيديوهات مضببة متكسرة يعلوها التكبير المفترى عليه ويحفها الغموض اللذيذ للإجهاز على ما تبقى من مقاومتكم الذهنية، وانتم الراشدون المحترمون. انه فيصل التفرقة الواضح فهناك عندهم العلم حيث يجب أن يُخَلّدَ، وهنا وجب الإبقاء على الأسطورة حية : دماء ومساجد وكنائس ومخطوطات لم تطبع أبدا وأجناس بشرية ومواريث وطقوس ومقابر ومزارات، ثم دم ودم ودم ودم ...... الم ينجحوا باعلامهم ومراكزهم ولايكاتنا ( like الفايسبوكية الشهيرة ) في تحويل الدم الثالثي إلى فقاعات هواء صابونية؟ باسم اي ايديولوجية ساحرة سنُقْتَلُ غداً؟ متى سيسلبون منا ما بقي من الأمان ؟ اولا يكبرون بعد ذبح بشر؟ اولا يحافظون على العلاقات مع البلدان الظالم حكامها؟ ألايفرحون بالمباشر أمام سحل الجثث؟ الم ينقرض الفرد في متاهة الغوغاء؟ ألا يعرف الناس أنهم يقادون إلى حتفهم؟ متى سنصفق على خيباتنا الحضارية على الهواء؟
عن مدونة الجنان
|
|
3095 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|