عندما تمت مشاهدة عبد العزيز أفتاتي، القيادي الاحتياطي في حزب العدالة والتنمية، يمشي حافيا في البرلمان ضحك البعض وقالوا هل فقد رشده؟ لا يمكن الحديث عن الرشد لما يتعلق الأمر بـ"الإخوانيين" ولكن يمكن القول إنه كان يبحث عن الأوراق الضائعة لتبرير حماقاته المتعددة والمتكررة. وإذا كان رولان بارث يقول "إن اللباس لغة الجسد"، فرؤية أفتاتي تجعلك تتحدث مع جسد دواخله مضطربة. الحفيان الذي لا يولي عناية للبدلة العصرية ويرتاح في جلابة الفقيه. لقد أصبحنا نعيش موضة سياسية جديدة شبيهة بتقليعات اللباس وخصوصا تلك السراويل النازلة تحت المؤخرة. هذه الموضة يلبسها كل سياسي يريد أن يتهجم على المؤسسات أو المحيط الملكي. ما عليه سوى أن يلجأ إلى خدمات أفتاتي. أفتاتي الأحمق. موضة أخرى لا تقل عنها أهمية ظهرت هذه الأيام. كل عاطل أو شمكار أو بزناز أو شفار أو صاحب سوابق ينشئ موقعا إلكترونيا، ويلجأ أيضا إلى خدمات أفتاتي ويدعوه للتصريح في موقعه. هذا لا يعني أنه لا توجد مواقع جادة وصحافة جادة. طبعا يوجد صحافيون شرفاء. وأكبر مثال على المواقع الأولى هو موقع لكم، الذي فقد صاحبه الأمل في رياح الربيع العربي خصوصا بعد الذي جرى في مصر ويجري في تونس، وبعد أن فقد الأمل في الأطروحة الانفصالية التي باءت بالفشل، شرع في استدعاء أفتاتي كل وقت وحين وكراء فمه لقول الإساءة. وهذه ممارسات غريبة عن بلدنا وعن مهنة الصحافة التي لها تاريخ عريق يجهله مثل الذي باع نفسه للشيطان. لقد اختار أفتاتي أن يكون صغيرا. والفرق شاسع بين أن تكون صغيرا وأن تكون متواضعا. فالرجل غير متواضع. ما إن رأى "النور" حتى رما جبة الجبن وانطلق مسرعا يحاول استعادة الزمن الثوري ولو بأثر رجعي. يقول رفاقه عنه إنه كان يخشى مقدم الحومة سنوات الرصاص. يوم كان اليسار يتحدى كان هو يصفهم بالكفرة بالله ويدخل سوق رأسه. فمن جرأه على كل شيء؟ من أوحى له بالقول دون علم؟ هل يلعب دور تجييش الطريدة؟ من القناص إذن؟ لكن من يريد أن يشير إلى أفتاتي لابد له من يحفظ الذكر. وقبل أن "تضرب السلوقي راعي لمولاه" كما يقول المغاربة. من يعتقد أن أفتاتي رجل مجنون أو أحمق فهو مخطئ. من يعتقد أن أفتاتي ينطق عن الهوى دون أن يوحي له أحد فهو مخطئ أيضا. يقول المغاربة "الله يعطينا وجهك"، كناية على أصحاب "الجبهة" و"الصنطيحة" ورغبة في تملك مثل جرأتهم لقول كل شيء أو قول ما لا يمكن قوله أو لا تتوفر القدرة على قوله. ويقول المغاربة ساخرين "الله يعطينا وجهك نتسلفو بيه غير لفلوس وننكرو أصحابها". اختار أفتاتي أن يكون مهرجا. يلعب دور البهلوان لكن يخاف صعود "السلك". ويرتدي أحيانا وزرة النادل ليمسح "الطابلة" التي تأكل فوقها قيادة العدالة والتنمية. يمضغ الشوك نيابة عنهم وهو مستعد لمضغ أشياء أخرى. نسي أفتاتي ومن أوحى له أن هذا المجموع المسمى العدالة والتنمية شب وترعرع في ضيافة أصحاب الوقت. اللعبة أصبحت واضحة. قادة يستيقظ فيهم تاريخ الجبن فيتراجعون إلى الخلف. يصورون أفتاتي كالأحمق الذي لا حرج عليه. ليقولوا باسمه ما لا يستطيعون قوله بأنفسهم. القلم مرفوع عن الأحمق حتى يعقل. إذا كان أفتاتي عاقلا لابد أن يمر من المحكمة لأنه قال كثيرا واتهم العديد من الناس، وإذا كان مجنونا فواجب الدولة والجيران والمعارف أن يحملوه إلى "سبيطار الحماق". ليس أفتاتي مجنونا. اصحابه من يصورونه كذلك. عندما يتكلم أفتاتي يكون مختبئا خلفه قادة حزبه الدين لا يفرطون فيه أبدا. لما اظهر نزوعا غير وطني ولجأ للسفارة الفرنسية يشتكي من بلده أمره الزعيم بالاستقالة الشكلية ليعود بعد سنة إلى الأمانة العامة. ليس أفتاتي أحمقا. الأحمق من يعتقد أن العدالة والتنمية تتصارعه تيارات واختلافات وليس مسرحية اسمها الوجه والقفا والرابح بنكيران والعدالة والتنمية.