أضيف في 24 غشت 2013 الساعة 54 : 12
بقلم بوحدو التودغي.
آخر صيحات الموضة التي استفحلت مؤخرا في حقل الإثارة الصحفية هو لجوء بعض الجرائد الورقية و الرقمية لكائنات على شاكلة عبد العزيز أفتاتي المعروف بقفزه بلا تبان بحثا عن تصريحات تخرج عن المألوف قد تمكن من الحصول على زئبق السبق الصحفي و خلق رواج لواجهات شاحبة لا يجمعها مع الرسالة الإعلامية الراقية إلا الخير و الإحسان. فكل من أراد أن يتعرض لحزب سياسي أو مؤسسة عمومية أو مسؤول رسمي يجد ضالته في أفتاتي الذي لا يَرُف له جفن حتى و إن تعلق الأمر بالملك و من أحاط به. فما الذي يوفر لهذا الكائن اللغوي كل هذا الإقبال بين بعض المنتسبين للجسم الصحفي؟ إن سؤالا من هذا القبيل يجعل وصف الرجل ضرويا لاستجلاء بعض ملامح شخصيته التي خلقت منه سلاحا رخيص التكلفة لا يتمنع على من يعشقون اﻹستمناء اللغوي. فأفتاتي٬ الذي يفتي في كل شيء و لا يخفى عنه شيء٬ اجتمعت فيه كل الصفات والتخصصات. فهو السياسي الثوري و العالم الاقتصادي والمستشرف الاجتماعي و الخبير الرياضي و ولي الله الذي يوزع بركاته بكرم حاتمي٬ مما يجعله مرشحا في أي لحظة لدخول موسوعة "غينس" للفئات الغرائبية التي لا تتفتق عنها البشرية إلا نادرا. و أفتاتي٬ أيها السادة٬ تشبع بماء "النفار" منذ نعومة أظافره٬ مما أكسبه صيتا ذائعا بين هواة اللغو و فئة الباعة المتجولين الذين يملئون فضاءات الأسواق بصيحات من قبيل "ريكلام٬ ريكلام . ..واربح ربح". فهو كريم "مَكَيْوزنش"٬ و كل من ابتغى حفنة من اللغة تشفي غليله٬ فما عليه إلا أن يقتفي أثر عربته التي لا تحمل عبارة "ممنوع الطلق و الرزق على الله"٬ مع إمكانية أن يقوم البائع الوسيم بالتعبير صوتا و صورة في موضع الزبون إن كان أخرسا أو دميما. كما أنه فقيه يمتلك بركة سماوية "كَتْجمد لْما"٬ يضعها "لله فسبيل الله" في خدمة كل من أصابه داء أو مس. فهو "كيكوي و يبُخ" و "كَيْضرب الخط الزناتي" و "كَيْصَرع" العفاريت و التماسيح. فليس غريبا٬ و الحال هذه٬ أن تتجمهر عند "براكته" جموع متنافرة يترقبون تنقلاته من و إلى بيت الراحة ليتهافتوا على "خروجه الطاهر"٬ يطلون به واجهات محلاتهم التماسا للرواج و النفاذ. أفتاتي المحسوب على التيار السياسي "وخا طير معزة"٬ يعد كاهن العدميين الراسخين على ملة الانتقاد و الاتهام مهما كانت الظروف و السياقات و الأحوال. فهو "كيحسن بلي كاين" حتى و إن استلزم الأمر أن يصرخ "واش هذي ختانة " كما فعل أحد "المكعررين" في النكتة المتداولة عند المغاربة. فالرجل لن تفرغ جعبته و لن يعدم أهدافا يصوب عليها حتى و إن تم نقله لعالم المثل٬ حيث لن يكون مستغربا أن ينقلب على نفسه, في حالة فراغ أو ضجر, كما فعل الحطيئة لما هجا دمامته و قبحه. هذه بعض من مواصفات رجل لا يتحرج من التطاول على المؤسسات العليا و "ركوب هبال" أشباه منابر إعلامية يَعرف الكثير عن أجنداتهما؟ لكن الذاكرة الصحفية الأمينة لا تنسى له٬ و هو النائب المنتخب الذي وثقت فيه فئة من المواطنين افترضوا فيه الرزانة و رجاحة العقل٬ قيامه٬ سنة ٬2009 بخيانة هذه الثقة بعد أن استغل صفته البرلمانية للإستقواء بسفارة دولة أجنبية في قضية لأحد المنتمين لحزبه٬ وذّلك ضدا على كرامة المغاربة و سيادتهم الوطنية. هذه باختصار حقيقة أحد هواة "النكير" الذي لا يخجل من إعطاء دروس الموعظة و هو في أمس الحاجة إليها. إن صفع أفتاتي بهذا الشكل يحيل مباشرة على التسيب الذي استفحل بشكل غير مسبوق داخل المشهد الصحفي المغربي و أصبح يلطخ سمعته. فبعض من الحوانيت الالكترونية تعرض سلع كل "سمسار" أو "براح" و تقوم بمجازر في حق أخلاقيات الصحافة النبيلة. و بعض آخر يشرع صفحاته للفرقعات الصوتية و لأشخاص نكرة يبرعون في صنع فقاعات الهواء و تمخيض الجبال عن فئران صغيرة. كما أن أخرى تجري خلف الإثارة المجانية و تستهزئ بأعصاب الناس بعبارات يتم اقتباسها اعتباطا من القنوات الفضائية لتأثيرها "الباڤلوڤي"٬ من قبيل "خبر عاجل" و "حصري" و "سري للغاية", لتصبح "شوهة" و "فضيحة" بغرض الزيادة من مفعولها لدى المتلقي المغربي البسيط. بهذا الحال٬ تصبح الطريق معبدة لكل من هب و دب لتقيء الكلام الأجوف بين الناس و تجد كل الميكروبات المجال خصبا لتمرير سمومها. فلا عجب إذن٬ أن تغدو المزايدات التعبيرية "كيلو بريال" و أن تتجرأ كل "حمقة و قالو لها زغرتي" على التجرد أمام الملإ من ملابس الحشمة و الوقار كما يفعل أفتاتي تماما.
|