إدريس شكري
لم يخرج المغاربة للاحتجاج في قضية العفو ، لأن ما حدث لا يستحق النزول إلى الشارع، ولأن المغاربة يعلمون جيدا أن الملك محمد السادس لا يمكن أن يعفو على مغتصب أطفال... وقد سارع بمجرد أن علم أن ثمة خلل ما وقع بمناسبة العفو عن 48 سجينا إسبانيا بدسّ اسم "دنيال كالفيان" في لائحة المشمولين بهذا القرار، إلى سحب العفو ومعاقبة المسؤول عن هذا التقصير، واستقبال أسر الضحايا لجبر ضررهم.
ولا يمكن للمغاربة أن ينزلوا بالآلاف إلى الشارع لتلبية رغبة "المهندس" أحمد بن الصديق لأنهم يعرفون جيدا الآلة الجهنمية التي تحركه، والجهات التي تدفعه، ويعلمون أن أيادي قذرة تتربص بمؤسسات هذه البلاد، لا تدع أية فرصة تمر من دون أن تفتعل الضجيج.
لم يخرج المغاربة إلى الشارع، لأنهم ليسوا قطيعا يساق بل أمة لا تاريخ و وجدان وذاكرة... لها الثقة الكاملة في منْ قررت مبايعته، و لن يُفسد العلاقة بين الملك والشعب حدث تافه أو تحريض المحرضين.
في قضية "دانيال كالفان" بالذات فإن الملك محمد السادس لم يتنازل بل أصلح خطأ انطلاقا من موقعه كملك، وكحامي للحقوق، وهو ما أخرس الأفواه التي ألفت الصراخ، وإحداث الضجيج ، وتصيد الفرص لتنزل إلى الشارع قبل أن يرتد للإنسان طرفه، وجفف الأقلام التي أرادت أن تعزل الواقعة عن السياق، وتوهم الناس أن العفو لم يشمل سوى هذا "البيدوفيل" الإسباني تماما كما يمني هذا "المهندس" النفس لو أن نصف الذين خرجوا للتضامن ليس مع الشعب المصري، ولكن للتضامن مع الرئيس المخلوع محمد مرسي، نزلوا للاحتجاج عن قرار العفو عن الوحش الإسباني.
وكان عليهم أن يسألوا أنفسهم لماذا لم ينزل المواطنون إلى الشارع في قضية "دانيال كالفان"؟
والجواب بسيط جدا، لأن الملك لا يحتاج إلى نزول الناس إلى الشارع لكي يتخذ القرارات بل يستبق دائما نبض المجتمع ويتجاوب معه من دون حاجة إلى ضغط، ولأن المواطنين لهم الثقة الكاملة في المشروع الديمقراطي الحداثي الذي يقوده محمد السادس.