هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي، الأنصاري.
صحابي جليل، شاعر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحد المخضرمين، أدرك الإسلام وعمره ستون سنة، وعاش مثلها في الإسلام، وهو أشعر أهل الحواضر في الجاهلية، اشتهرت مدائحه في الغسانيين وملوك الحيرة، كما اشتهرت مناقضاته مع شاعر الأوس قيس بن الخطيم، وعندما أسلم أصبح شاعر النبي صلى الله عليه وسلم المنافح عن الدعوة الإسلامية.
كان شديد الهجاء قوي الشعر وشعره عال جيد. لم يشارك مع النبي صلى الله عليه وسلم في القتال بسبب علة أصابته وبسبب سنه، ولكنه جاهد بلسانه جهاداً قوياً، فعندما بدأ شعراء المشركين في مكة هجاء المسلمين في المدينة وتسفيه دينهم، نهض للرد عليهم بشعره وكان أقدر شعراء المسلمين على ذلك، وقد سجل بقصائده انتصارات المسلمين في الغزوات وآلامهم في المصائب التي امتحنوا بها.
أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اهجهم (أي المشركين) وهاجهم وجبريل معك. وقال له أيضاً: أجب عني أيدك الله بروح القدس. ويروى أنه كان يضع له منبراً في المسجد يقوم عليه قائماً ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال له صلى الله عليه وسلم لما هجته قريش: اهجهم وإني أخاف أن تصيبني معهم بهجو بني عمي فأت أبا بكر فإنه أعلم قريش بأنسابها فيخلص لك. قال حسان: والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم ونسبك سل الشعرة من العجين، فهجاهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد شفيت واشتفيت، وقال له: اهج قريشاً فإنه أشد عليهم من رشق النبل. وتقول السيدة عائشة أم المؤمنين: والله إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بكلمات قالهن لأبي سفيان بن الحارث:
هـجوت محمداً فأجبت عنه
|
وعنـد الله في ذاك الجـزاء
|
فإن أبي ووالده وعــرضي
|
لعرض محمد منكم وقـــاء
|
أتهجوه ولست له بكـفء
|
فشركما لخيركما الفـــداء
|
عدمنا خيلنـا إن لم تروهـا
|
تثير النقع موعدها كـــداء
|
وله قصيدة قالها في هزيمة المشركين يوم بدر ومنها:
فما نخشى بحمد الله قومــاً
|
وإن كثروا وأجمعت الزحوف
|
إذا ما ألبوا جمعـا علينــا
|
كفانـــا جدهم رب رؤوف
|
سمونا يـوم بـدر بالـعوالي
|
سراعا ما تضعضعنا الحتوف
|
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.
رآه عمر بن الخطاب ينشد في المسجد فلحظه فقال له: كنت أنشد فيه وفيه خير منك، قال: صدقت.