رشيد الأنباري
إنها "موضة" النزول إلى الشارع...
في نفس هذا التاريخ من السنة الماضية نزل بضعة عشرات إلى شارع محمد الخامس قبالة البرلمان من أجل افتعال الاحتجاج فجأة، وبدون مقدمات، على استمرار طقوس البيعة، غير أن هذه الحركة البهلوانية لم تجد أدنى صدى، لأنهم لم يقدموا مبررات مقنعة لهذا النزول، وحاولوا تلخيص البيعة في انحناءة رأس في حين أنها تجديد للولاء، وعقد بين الحاكم والمحكوم.
اليوم، وبنفس المناسبة، ينزلون إلى الشارع من أجل الاحتجاج على إطلاق سراح معتقل إسباني مدان في قضية اغتصاب الأطفال، ضمن 48 من السجناء الإسبان ، في إطار عفو ملكي بطلب من العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس.
يتقدم هؤلاء المحتجين، طبعا، أولئك الذين احترفوا النضال، وألفوا التظاهر بالسقوط، كما هي حالة عبدالحميد الأمين، الذي يتصدر كل الاحتجاجات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
الوقفة كانت مناسبة، أيضا، حضرها الزميلان الصحفيان علي أنوزلا وتوفيق بوعشرين، لا ندري هل من أجل التغطية الصحفية أم من أجل الاحتجاج؟ لكن الأكيد أن زاوية المعالجة التي اعتمدوها في مقاربة الموضوع، والمتابعة الكثيفة له تشي أنها كانت فرصة بالنسبة لهما لمواصلة معركة الهجوم على المؤسسات، كما تابعها عبدالعالي حامي الدين، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الذي كان ينقل لرئيس الحكومة، هاتفيا، التفاصيل، كما نشر أحد المواقع.
لقد أخذوا بخناق هذه القضية، وحاولوا افتعال ضجة جديدة، ولم يأخذوا الوقت الكافي لمعرفة ما حدث، وينتظروا الجواب الشافي من خلال توضيح رسمي، بل لم يلتفتوا إلى بلاغين أصدرتهما وزارة العدل والحريات، قبل الوقفة بساعات، ترفع فيهما اللبس الذي حاول البعض أن يروج له، ولم يكترثوا بتوقيف مسؤول سامي في إدارة سيادية قام بإدراج اسم الإسباني ضمن لائحة المشمولين بالعفو، ولم ينتظروا نهاية التحقيق معه، وهو ما يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، و إن قضية الاغتصاب وإن كان يجرمها القانون، ويرفضها المجتمع، ما هي إلا حصان طروادة يتم الركوب عليها لمآرب أخرى وغايات أضحت بادية للعيان...