يسعى البعض إلى التشويش على بادرة العفو الملكي على 48 سجينا إسبانيا، وذلك بالركوب على قضية تضمن لائحة المشمولين بهذا القرار الاسباني "كالفان فينا دانييل"، المدان بسجن 30 سنة بتهمة اغتصاب 11 قاصرا بالقنيطرة، وذلك تحت مبررحق المغاربة في الدفاع عن كرامتهم العمومية(..) غير أن هذا العفو تم تحويره واستخدامه استخدامات مشبوهة ولحسابات معروفة ومكشوفة وتلكم اسطوانتهم المشروخة.. ..
ولقد أغفل الذين ركبوا هذه الموجة أو حاولوا الركوب عليها:
أولا: أن حق العفو بين الدول يتخذ طابعا خاصا، وقد تكون له تمظهرات سلبية سطحية، لكن على مستوى المصالح الإستراتيجية وفن إدارة شؤونها، فإنه يكون ذو مردودية وبالتالي ينبغي إدراجه في إطار شامل ومندمج يستحضر المصالح العليا للمملكة المغربية في علاقتها مع الجارة الشمالية، وهي العلاقة التي تمتد لتشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشتركة بين البلدين، ولا ينبغي أن تتحكم فيه اعتبارات ضيقة تتعلق حصريا بالأفعال الإجرامية المنسوبة للمعني بالأمر.
ثانيا: أن هذه الحالة ليس معزولة بل جاءت ضمن عفو على 48 سجينا إسبانيا.
ثالثا: أن الملك يمتلك سلطة القيام بالعفو من تلقاء نفسه، لكنه مارس هذا الحق، في هذه الحالة، بطلب من ملك إسبانيا خلال زيارته الأخيرة للمغرب.
رابعا: أن المواطن الإسباني، الذي يعاني من ظروف صحية صعبة، عبر عن أسفه أمام المحكمة، وتقبل حكم القضاء المغربي.
خامسا: أن الملك محمد السادس يولي أهمية خاصة لحقوق الأطفال بل إنه هو راعيها.
من ثمة تبدو ردة الفعل على هذا العفو غير بريئة، وتعتمد منطق المثل الشعبي " باغيين إيدروا من الحبة قبة"، لا أقل ولا أكثر.
سادسا: أن التاريخ يحفل بحالات العفو مماثلة فقد قام ملك الكامبودج بالعفو على الروسي ألكسندر برفيموف، المنعش السياحي الذي قد يكون تورط في اغتصاب العديد من الفتيات، وذلك بطلب من الوزير الأول لبلده، كما مكن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون المدعو ميل رينولف المحكوم بالسجن سنة 1995 بتهمة محاولة الاغتصاب وإنجاز أشرطة بورنوغرافية للأطفال، مكنه من سراحه بعد سنوات من الاعتقال.
ولا ننسى أن الرئيس التشادي قام في مارس 2008 بتمتيع المتهمين الرئيسيين باختطاف أطفال قاصرين بالعفو بعد تعديل القانون الفرنسي المتعلق بمعاقبة المنظمة غير الحكومية لارش دي زوي.