عبد الحميد جماهري
اذا كان علينا أن نستعير، تجاوزا، لغة رئيس الحكومة، فإننا ولا نشك، سنطرح سؤالا عريضا عن الأخطبوط الذي أصبح يمثله حزبه، بحيث صار على كل متتبع أو صاحب رأي أن يتساءل: أين الرأس التي سيتخاطب معها.
هناك الأذرع، الكثيرة، الدعوية البرلمانية والشبيبية وغيرها، وهناك الأوجه، الفقهية، السياسية البرلمانية، ولكن هي أوجه وأذرع بلا رأس يمكن أن يتخاطب معه الناس.
والأمر لا يقف عند التشبيه. وهو تشبيه إجرائي لا نود منه لمزا ولا تنابزا بالألقاب، حاشا، بل تفرض وقائع سياسية معينة طرح السؤال في الموقف من مصر، حيث تابعنا كيف أن نواب الفريق أطلقوا النار على بيان وزارة الخارجية. وهي الوزارة التي يتولى شؤونها وزير منهم، وهو الأمين العام السابق للحزب ورئيس المجلس الوطني، وهو، أيضا، أحد فقهاء الحركة والحزب، في الدعوة والدعاية معا.
وفي الوقت نفسه، وقف عبد الله باها يتحدث بلسان صاحبه عبد الإله بنكيران، ويقيم الفرق بين ما تعنيه حركة الإطاحة بمرسي والوضع في المغرب. ووقف بين الموقفين، أخطاء رئيس لا تبرر انقلابا، ولكن في نفس الوقت لم تكن اللجهة لهجة الفريق. ولا كانت لهجة حركة التوحيد والإصلاح، التي تعد الرحم الإيديولوجي والدعوي للحزب الحاكم ولكافة أطره وقياداته.
موقف سار على دربه علماء الأمة، الذين يرأسهم يوسف القرضاوي.
والذي لا يمكنه أن تغفله المتابعة هو أن الجهاز المسؤول سياسيا وتنظيميا عن مواقف الحزب، أي الأمانة العامة غالبا ما تفضل الصمت، الذي يتسع لكل المواقف غير الرسمية ويتسع للاموقف في محاولة بينة لفسح المجال للمستور في التعبير عن نفسه.. في أماكن أخرى.
ليس هي المرة الأولى الذي تتباين فيها مواقف الحزب، وكل أذرعه مع مواقف الوزارة التي يسيرها حزبهم.
لا نريد قراءة ما بين السطور (أو كما قلنا ما بين الصقور)، لأن المسؤولية السياسية تعني أن يكون الوضوح هو سيد الموقف، وليس غيره.
وعندما ننقل شبكة القراءة إلى الوضع الوطني سنجد نفس الأذرع ونفس الوجوه، في غياب مخاطب سياسي واضح يتحمل هذا الأمر ..
فنحن نتابع الكيفية التي تدار بها الأزمات والمناقشات البرلمانية، بحيث يخرج دائما «تنين» ما يطلق النيران من فمه، في الوقت الذي يبشر فيه المسؤولون «الرسميون» بالحوار السياسي المسؤول والوطني.
فصل الرميد، في قضية الدور المعروفة بدور القرآن، يستحق بالفعل أن نتابعه ... بالتدقيق.
ونطرح مسؤولية هذا العبث الذي بدأ مع بداية الحكومة (لنتذكر فصول التعيينات في مناصب الولاة والعمال والحرب التي قادها النواب بعد أن وقع رئيس حزبهم على اللائحة، ثم المعركة ضد العنصر، ثم المعركة ضد .. وضد وضد ..).
نحن أمام نسخة غير موفقة لقصة «يتفرق دمه بين القبائل». ولا نجد من نحاسب أو نخاطب.
أيمكن مع منطق مثل هذا، أن نتكلم عن محاربة الفساد مثلا ، والحال أن ذلك يفرض أن يكون هناك ربط حقيقي بين المسؤولية والمحاسبة، في الإصلاح كما في الفساد.
فهناك إفساد للعبة سياسية، أمامها فرصة تاريخية، من باب الدستور الجديد لكي تتكرس.
يجب أن تكون هناك شجاعة حقيقية وليست مفتعلة ودونكيشوطية في تحمل عواقب القرار، وأول شجاعة هي الانسجام وتحمل مسؤولية المواقف، كانت داخلية أو خارجية.