رشيد بغا.
تحدث حسن بناجح، أحد أبرز قيادات الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في حوار مطول لـ"أنباء موسكو" حمل عنوان: "اعتبروا بمصر ولا حل للمغرب سوى الديمقراطية".
وقالت الوكالة التي نشرت الحوار على موقعها إنه حوار صحفي يأتي في سياق مرور سنتين كاملتين على الدستور الجديد للمملكة المغربية، والذي تمخض عن حراك 20 فبراير، وكان استجابة ذكية، بشهادة العالم، للملك محمد السادس مع مطالب الشارع المغربي بشكل تأكد ت ديمقراطيته، ليس عبر مراحل الانجاز والنقاش العمومي، ولكن بنسبة التصويت العالية ب"نعم" لصالحه على مرأى من المراقبين الدوليين والوطنيين.
بغض النظر عن بعض الترهات والكلام الغارق في العموميات لحسن بناجح، وتجاوزا للجهل السياسي البيّن في العلوم السياسية، متمثلا في ترديد نفس الكلام، و بلغة ماكرة تستدرج ما سماه ب" القوى الحية" إلى الميدان، في إشارة ضمنية لليسار الراديكالي، الذي لا تجمعه به في المرجعية فكرة واحدة، ما عدا العصبية والتطرف، وتحالف الشياطين على هدف واحد هو نسف الديمقراطية، باستغلال حقوق الإنسان كقيم لا يؤمن بها بناجح وجماعة العدل والإحسان، كما لا يؤمنان كذلك بالديمقراطية، والدليل في كتابات المنظّر الروحي عبد السلام ياسين وأهمها كتابه "حوار مع الفضلاء الديمقراطيين".
الخطير في الحوار، ومن خلال قراءة سريعة فقط، يبدو واضحا أن الرجل لا يخجل من نفسه ، حين يسطو على مواقف اليسار التاريخية في فترات السبعينيات من القرن الماضي والى اليوم عند بعض الراديكاليين من القوميين الناصريين و الماركسيين اللينينين، وكذا التروتسكيين الخ..في مطالبهم التي تبناها وسرقها أو لنقل سلخها من أدبيات اليسار المتطرف وألبسها العباءة واللحية، حين قال على أنه: "لا يمكن أن نقبل سوى بدستور تعددي ديمقراطي، تكتبه هيئة تأسيسية منتخبة من الشعب وتعمل لصالحه، فالدساتير المفروضة لا مستقبل لها".
وللتذكير فقط أليست جماعة "العدل والإحسان" من دعاة الحكم بما أمر به الله، بعد القومة (الثورة) لإقامة دولة الخلافة على المنهاج النبوي، بلا لجنة ولا انتخاب أو استفتاء لأنها بدعة غربية والديمقراطية مجرد سرطان من الشيطان الأمريكي، أما القرار في أمور الأمة فهو بالشورى بين أولي الأمر وليسوا في نهاية المطاف، سوى أصحاب الجاه و المال والوجاهة أما العامة فهم بلا صوت ومن منزلة العبيد لدى أسيادهم.
لكن روح الهزال المعرفي في الحوار، هي قراءته لأحداث مصر وثورتها الحالية، وبثقة المحلل الضليع يسعى الى إدخال الفيل من ثقب إبرة، لتوجيه رسائله إلى الداخل المغربي عن طريق الثورة المصرية وحنين الثعلب بعد مكره الى حركة 20 فبراير، التي غادرتها الجماعة المحظورة، مباشرة بعد وصول حبيبها في الملة والإسلام السياسي الى الحكم، وقايضها بمصالح هنا وهناك.. غير أن اللحظة التاريخية خانت حسن بناجح، بسقوط حكم "الإخوان المسلمين"، ورحيل محمد مرسي، في رمشة عين، بعدما لفظته الثورة المصرية، فظهر الرجل بدون حس سياسي، و لا منهاج تحليلي اللهم فنون الدجل و الشعوذة، فلم ينزل الملاك جبريل على مرسي ويأمره بعدم التنحي عن السلطة، بل تدخل الجيش حماية لمصالح الأمة مدعوما بالشعب الذي هلل فرحا في الشوارع.
وكان يكفي حسن بناجح أن يحارب جهله البسيط ولا يتكبر أو يستحيي حتى يتمكن من التعلم ، كي لا يصبح جهله ظلاميا، مركبا ومعقدا.