حمادي التازي
يعود "إيغناسيو سيمبريرو" ، الذي يظهر ويختفي كالثعلب في رمال الصحراء المتحركة، ليقدم للمغاربة ، الأمير مولاي هشام. وينطلق الصحفي الإسباني من خلفية- كم له من خلفيات - أن المغاربة لا يعرفون الأمير هشام ، أو تكوّن لديه انطباع بأن هذا الأخير لا يعرف المغاربة.
لم يقل الصحفي المذكور في مقاله بجريدة "إيل البايس" أي شيء مفيد ، كما أنه لم يأت بجديد وهو يتحدث عن حضور الأمير الندوة الصحفية التي عقدتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤخرا بالرباط، علما أن مولاي هشام اعتاد على حضور مثل هذه الندوات بل وديباجة المقالات، التي يسعى من خلالها إلى العودة إلى واجهة الأحداث التي تنفلت منه في غالب الأحيان، من دون أن يأخذ في الحسبان أن هذه المنظمة كانت لها جولات وجولات تسير في ركب التغاضي عن كل ما حققه المغرب من انجازات في مجال ترسيخ دولة الحق والقانون وتكريس ثقافة حقوق الإنسان، أو أن يأخذ بعين الاعتبار أنها "هيومن رايتس ووش" تخطو دائما في اتجاه الدفاع عن نزعة الانفصال، وحملت "طارة" الجزائر عندما كانت هذه الأخيرة وقيادة ما يسمى بـ " البوليساريو"، ومؤسسة روبيرت كندي تسعى إلى توسيع مهام "المينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، وهو ما يدفع إلى التساؤل: هل حضور مولاي هشام تلك الندوة يعني أنه يشاطرها نفس القناعات؟
المشكل ليس في انضمام الأمير إلى المنظمة أم لا، وفي نشاطه البارز أو الخافت، بل في استغلال"سيمبريرو " الانتهازي لمناسبة ، تميزت بحضور مولاي هشام، لتوجيه طعناته إلى المغرب: بلد الأمير أولا وأخيرا ، لينتقل الصحفي بعد ذلك لنفس المهمة التي انتدبت لها المنظمة نفسها ، بالقول بأن " هيومن رايتس ووتش" لا تدين فقط انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب (الذي أصبح شغلها الشاغل) بل إنها قامت أيضا بحملة (نعم حملة) لتوسيع مهام "المينورسو"، لتنحل عقدة لسان "سيمبريرو" الذي نقل عن الأمير قوله أن "المشكلة ليست فقط في ممثلي الحكومة المغربية بل أيضا في المغاربة عامة ، الذين يعتبرون أي نقاش حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمنطقة هو موجه ضدهم ."
إذا كان هذا كلام الأمير، فأقول له بكل صدق واحترام: اسمح لي سمو الأمير، إنك لا تعرف المغاربة. ربما يكون "سيمبريرو" اختلق الأمر اختلاقا . وتلك عادته التي تغلب منطقه حين يتناول موضوعا عن المغرب. وهو لا يرى شيئا جميلا في المملكة .
إذن ، لمن هذه الانتقادات الممنهجة ، وفيها من المفبرك ما تنوء من حمله الجبال، خاصة أن الصورة التي تم بها تقديم المغرب تجعله كأنه بلد متوحش ؟
كان على المنظمة أن تساعد المغرب الذي خطى خطوات في مجال حقوق الإنسان ،لا ينكرها إلا جاحد، وتشجعه على المزيد من الخطوات الجادة في هذا السبيل ، لا أن تقلب الطاولة في وجهه وتكون بذلك تمارس التعسف في أبهى صوره هي التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان .
المغاربة لا يدعون أنهم " قطعوا الواد" ، بل الطريق ما زالت طويلة أمامهم . وهم يؤمنون أشد الإيمان أن ما قاموا به لحد الآن مجرد خطوات في مسافة الألف ميل. وفي ذلك ، فليتنافس المتنافسون .
أما أن يتم استغلال المناسبة وخلط الأوراق بالتركيز على حضور الأمير الذي تم تقديمه كمستشار للمنظمة، والركوب الأعوج على خروقات أو انتهاكات للانتقال إلى موضوع الأجندة المحدد سلفا ، والمتعلق بإقحام "المينورسو" ، فمن حق المغاربة – أفترض أن يكون من بينهم الأمير – أن يحتجوا ويرفضوا ويدينوا مثل هذا الاستهداف الهجين الذي يمسهم ، خاصة أن العمل الذي تقوم به "هيومن .." لا رائحة فيه لشيء اسمه الجدية، بل يقدم مساعدة لا مشروطة لخصوم المغرب، خصوصا أن الأمر يتعلق بوحدة شعب للدفاع عن سيادة وطن. وهذا يعلمه الأمير علم اليقين. وليذهب "إيغناسيو سيمبريرو" ومن معه إلى جحيم حقوق الإنسان ... في تندوف وما جاورها . وعند "هيومن رايتس ووتش" الخبر اليقين .