بقلم محمد أبويهدة.
في المعارك السياسية لا يتقيد المتنازعون بأي شروط حتى تلك التي تمنع لاعبي الملاكمة من الضرب تحت الحزام.
في المغرب يمكن للسياسيين أن ينتقدوا بعضهم البعض بحدة وقلة حياء بعض الأحيان، تبلغ حد تلفيق الأكاذيب وإطلاق الإشاعات أو تأويل تصريحات خصومهم وتفسيرها بشكل سلبي يسمح بالنيل منهم، ثم ينتقلون بعد ذلك إلى تبادل الشتم والسب مباشرة أو بالغمز واللمز…
تكون المواجهات في الغالب غير مباشرة، كل سياسي يجمع «شعبه» ويشرع في كيل التهم وإطلاق القذائف في الاتجاه الآخر.
في حالتنا الراهنة أبرز المعارك السياسية التي وصلت حد الابتذال هي تلك التي تجمع بين رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران والأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، مع تسجيل صمت رئيس الحكومة في الأيام الأخيرة وترفعه عن الرد على حميد شباط الذي ظل يجوب البلاد طولا وعرضا يكرر نفس الكلام في المهرجانات الخطابية. وهو كلام يقنع مناضليه وفئات مهمة من المواطنين خاصة عندما يتحدث عن الزيادة في الأسعار وتلفيعها بإنقاص وزن قنينات الغاز وهي إشاعة سهلة التصديق بالنظر للأزمة المادية التي تعاني منها فئات كبيرة من المجتمع.
لكن في كثير من الأحيان يخرج هذا الكلام عن السياق ويفقد مصداقيته خاصة عندما يتهم شباط ابن كيران بدعم الارهاب الدولي وجمع الأموال باسم الجهاد والسعي لتجنيد المغاربة للقتال إلى جانب جيش النصرة في سوريا. لا يمكن أن ننكر وجود مثل هذه الأفعال أو تورط جماعات إسلامية متطرفة فيها، لكن أن يتورط رئيس الحكومة بشكل مباشر في عمل مخالف للقانون ويدخل تحت طائلة قانون الارهاب، فهذه تهمة لا يمكن لشخص عاقل توجيهها إلا إذا كان يتوفر على أدلة تثبتها.
التلاعب ببعض الكلمات يخرجها أيضا عن السياق فنحن جميعا متفقون على أن الحكومة تتلكأ في تفعيل مقتضيات الدستور بجميع بنوذه لكن ما معنى أن يقتصرعلى بند واحد من هذه البنود ثم يقول بالحرف أن حكومة ابن كيران تتقاعس عن «تنزيل النظام الملكي»!
قبل أن يحترم سياسيونا خصومهم عليهم أن يحترموا المواطنين الذين انتخبوهم وحملوهم مسؤولية تدبير حياتهم اليومية، وهي القاعدة الأساسية التي تقيد العمل السياسي النزيه. وقديما قاولوا: إذا لم تستحي فافعل ما شئت!