رمضان مصباح الإدريسي.
من وجدة التهريب الى وجدة التهذيب:
استهلكتها القرون العشرة ,وزيادة؛اذ كان عليها –جغرافيا- أن تستقبل كل القادمين من الاتجاهين ،شرقا وغربا.
لا تفرق بين من حفظ لها ذكرا طيبا ،من الرحالة؛وقبلهم القادة بناة التاريخ؛وبين الأقدام الهمجية التي دكتها ،وناسها،دكا؛وكأنها تستكثر على "صحراء أنكاد" أن تنبت "وجيدة" البيضاء الفيحاء ؛بكل قطوفها الدانية ،وعيون العسل ،المعروفة لها قديما.
مضوا كلهم وبقيت هي –حيث هي- تنتظر فارس الأحلام الذي سيزيل عن محياها تجاعيد الزمن؛وقسوة الأزمنة؛ويبعثها من الرماد شابة تبهر الشرق والغرب.
ذات صباح حمل إليها الحمام الزاجل رسالة حب من ملك.
عرف قدرها وأقسم أن يرفعها إليه؛ضدا على كل من لم ير فيها سوى بقرة حلوب؛أو محطة بنزين متحركة ،ومسافرة في جميع الاتجاهات.
وضدا على جيران تربوا في أكنافها ,ورحابها،وكادو يقسمون أنهم ما فعلوا؛وأنها لم تكن لهم أما أبدا.
تلقي في وجوههم ببقية كبرياء ،وهي تقول:هذه آثار ركبكم الطفولية، حينما كنتم تتعلمون الحبو؛وهذه آثار أقدامكم حينما اشتد عودكم ،وقررتم الهروب تحت جنح الظلام.
رسالة الملك تقول ،بقليل من اللفظ،وكثير من العزم: سنجدد التأسيس؛سنعيدها سيرتها الأولى ،وسنهديها لوحات رائعة،من معمار العصر .
هكذا يتحقق كل الحلم الوجدي القديم، الذي ظل ينتظر أن تتحول وجدة إلى حمامة .هي ذي تتحول ،ولم يعد واردا توقع الخطر من واد سيدي معافة.
لم يكن التأسيس،فقط، معمارا يرتفع ،وأغراسا تنمو،مستعيدة المجد البيئي الأخضر؛بل واكبه تأسيس للمدينة في عقول ساكنتها ؛وقد كاد التهريب ينسيهم في مدينتهم،كما كانت ذات زمن راضية قانعة ،لا تأكل سوى على غلال بساتينها.
من يذكر اليوم تين وجدة ،وقرعها وزيتونها...
ماتت وجدة وتحولت إلى بورصة متوحشة ؛لولا أن مر بها ملك ،واكتشف أن تحت الركام مدينة تنتظر من يبعثها من مرقدها.
استعادت العقول ذكرى المدينة ,ولا محدث اليوم إلا عن بهائها المعماري،وساحاتها,وأسواقها التي ترفل في حلل جديدة.
لم يعد احد ينتظر أن تسأله عن ثمن البنزين الأحمر,ولا عن أثمنة الدقيق والحليب والتمر .يبادرون ،هم، ليشفوا غليلهم في الحديث عن وجدة الحمامة المحمدية.
من مدينة التهريب الى مدينة التهذيب.
ألا قاتل الله الشره الذي يجعل أهل المدينة ينسون المدينة،ولا يفكرون سوى في أمعائها.
كم مرت من أجيال تحت أقواس سيدي عبد الوهاب .مضى الكل وبقيت الباب مفتوحة في وجه كل من يعشق وجدة ،ويحرص على أن يسلمها إلى الأجيال اللاحقة في أبهى الحلل.
كم تسعدني إعادة تأسيس المدينة في عقول أهلها.هذا لا يستطيعه الا ملك يحب المدينة.
لنحافظ على هذه المدينة ،بل لنسميها –دون أن نكون مجاملين- وجدة محمد السادس.
كل أمنيتي اليوم ،وقد تحقق ما تحقق،أن تهيكل ساحة سيدي عبد الوهاب الداخلية ؛ليصبح الظاهر كما الباطن.
لم تعد المجزرة ،ولا سوق السمك،مقبولين حيث هما.من الأحسن أن تفضي الباب الى مزيد من انشراح الصدر المعماري. وما هذا بعزيز على عقول استعادت حب وجدة.
Ramdane3@gmail.com
Histoirzkara.com