ما إن يتحدث مسؤول في النظام الجزائري عن قضية فتح الحدود مع المغرب، حتى ينطلق في سرد ما يعتبره مخاطر على بلاده في حالة تمكين الشعبين من حرية التنقل بين بلديهما دون قيود. لا تختلف في ذلك لهجة عبد العزيز بوتفليقة على رأس السلطة، مع لهجة أي وزير في الحكومة، ولا مع مضمون مقال صحفي يصدر في إحدى الجرائد التي تتلقى توجيهاتها من مراكز السلطة الحقيقية داخل الجيش. إذا تمعن المرء في تلك المخاطر المزعومة، يكتشف أنها تكمن في خطر المخدرات التي يزعمون أن المغرب يصدرها إليهم لإفساد الشباب الجزائري. هكذا يقدم هؤلاء المسؤولون صورة المغرب، وكأنه بلد يخوض حربا ضروسا ضد الجزائر بتصدير الحشيش إليها، مع العلم أن شبكات الاتجار في الحشيش تستهدف أكثر بلدان شمال البحر الأبيض المتوسط.
ما هي الحقيقة؟ الحقيقة هي عكس ما تذهب إليه هذه المزاعم. المغرب هو المستهدف من طرف النظام الجزائري. أكثر المخاطر التي تتهدده تأتي من الجزائر. منها تهريب المخدرات القوية، وأخطرها الأقراص المهلوسة مثل «القرقوبي» الذي يعد من أهم مصادر الإجرام في مدننا. من الحدود الجزائرية تتسرب العديد من المواد المهربة التي يشكل بعضها (مثل الأدوية) مخاطر على السلامة الصحية. في تلك الحدود، تفتح قوات الأمن الجزائرية مسالك نحو المغرب لأفواج المهاجرين السريين القادمين من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء. النظام الجزائري يأوي ويغذي جماعة «البوليساريو» الانفصالية التي بدأت ارتباطاتها بالإرهاب في الساحل والصحراء تتعزز يوما بعد يوم. الجماعات الإرهابية التي نشأت في الجزائر، وترعرعت في المنطقة بفضل تواطؤ النظام الجزائري، والتي يقودها زعماء من أصول جزائرية، هذه الجماعات تجند مغاربة، وتعلن باستمرار استهدافها التراب المغربي…
إذا اعتمدنا المقاييس الجزائرية، فإن المغرب هو الذي من حقه الامتناع عن فتح الحدود، وتمديد الجدار الأمني ليشمل المناطق الشمالية أيضا، لكن بلادنا لا تخشى هذه المخاطر، وتستطيع مواجهتها. في نفس الوقت، تسعى إلى المصالحة وبناء المستقبل المشترك الكفيل بخلق دينامية التنمية والتطور. أما الحقيقة التي يخفيها النظام الجزائري هي خوفه من رياح الانفتاح والحرية التي قد تهب على الجزائر في حالة إزالة حواجز الحدود.
بقلم: محمد البريني.