لما يغيب الملك يتساءل عملاء الجزائر : أين هو الآن؟ ولما يخرج للشارع لتدشين المشاريع المدرة للدخل والمنتجة للثروة يتساءلون : لماذا يستحوذ على الإعلام العمومي؟ وهل تريدون منهم غير هذا الموقف؟ ماذا تنتظر ممن هو على استعداد لبيع كل شيء قصد الحصول على ما يريد حتى لو كان الوطن؟ وماذا تنتظر من الموظفين الدوليين لدى المخابرات الجزائرية هل بمقدورهم الكتابة خارج الوحي النازل من دهاليز الأمن العسكري؟ إذا كانت صورة الملك الفاعل باعتباره رئيسا للدولة وضامن استقرار البلد وأمنها الوطني والاقتصادي لا تعجب حكام قصر المرادية، فهل تنتظرون ممن هو خادم بسيط لديهم أن يقول كلمة حق؟ إن محاولة خادمهم القزمي رسم صورة للملك في التلفيزيون الرسمي لا تعدو أن تكون تنويعا على ما يصدر عن الأسياد هناك، فالمخابرات الجزائرية والأمن العسكري الجزائري يريدان أن يوحيا اليوم لقادة جبهة التحرير أن رئيس الدولة ينبغي أن يكون حركيا وبالتالي فإن بوتفليقة لم يعد صالحا حتى يتمكنوا من وضع رجلهم المناسب، غير أن الكاتب الذي يكتب "لهم" لا "لكم" أنتم المغاربة، يفهمها بالمقلوب. فما الذي يزعج في صورة ملك محبوب لدى شعبه ويخرج هذا الشعب لتحيته؟ وما الذي يزعج في صورة ملك يدشن المشاريع الكبرى؟ أليس الأمن الاقتصادي أمانة في عنق الملك باعتباره رئيس الدولة وضامن استقرار البلد؟ هل تريدون استقرارا دون أمن اقتصادي وغذائي؟ وانزعج الخادم المطيع لصورة الملك التي تختلف عن صورة الآخرين. فقط لأنه لم يفهم أن الملك يختلف من حيث الموقع والوظائف عن الآخرين. ولكن من يوحي له بالكتابة يريد اختزال الملك في الفاعل السياسي، وهذا بخلاف النظام السياسي الذي ارتضاه المغاربة لأنفسهم وهذا نظام يقوم على الجمع بين إمارة المؤمنين والنهج الديمقراطي الحداثي، أي الجمع بين الأعراف والقانون وهو جمع ليس باليسير ولا يمكن أن يقبل المغاربة نظاما غيره، قد يبدلون ويغيرون ويطورون لكن في سياقه. فصورة الملك لدى المواطن تختزل كل هذه المعاني من الروحي إلى الدنيوي، ولا يمكن بتاتا فهم هذه الصورة بعيدا عن سياقها الدستوري المجتمع في الفصلين 41 و42. هل الصورة هي التي أزعجت الجزائريين وخدامهم من الصحفيين الكتاتبية المغاربة؟ طبعا لا. إنه مضمون الصورة وسياقها. فالصورة تحمل تدشين مشاريع ضخمة مدرة للدخل ومنتجة للثروة وملك يتحرك دون توقف حتى أصبح مكتبه متنقلا مثلما كان عرش الحسن الأول فوق صهوة جواده، وفي سياق تعيش فيه الجزائر أزمة رئاسة الدولة بعد المرض المزمن لبوتفليقة المانع من ممارسة الوظائف والمهام.
عن النهار المغربية.