حمادي التازي
لأنه ليس في القنافذ أملس كما يقال ، فإن أدعياء الدفاع عن حقوق الإنسان (الذين يؤمنون يبعضها ويكفرون بأكثرها) يبحثون عن شاكلتهم ممن ينتشون بالإساءة إلى المغرب ، ولا يجدون غضاضة في صب الزيت على النار في انتظار الهزة أو القومة – ما دام مفهوم الثورة تعرض للنجاسة - للركوب عليها وتوجيهها الوجهة التي يريدون . وحينذاك ستطبل" المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان" (هيومن رايتس ووتش) بحماة حقوق ،عفوا عقوق الإنسان .
هؤلاء الأدعياء كانوا ينتظرون على أحر من الجمر صدور تقرير المنظمة المذكورة ليعلنوا،
مرة أخرى عن مدى تعطشهم لتعقب النقائص والسقطات، والعمل على تضخيمها، لجعل صورة المغرب تهتز لدى الرأي العام ، وتقديم الوضع على أساس أنه لا توجد خروقات ولا انتهاكات ولا تجاوزات أو شطط في استعمال السلطة إلا في هذا البلد ، بينما تعلم "هيومن رايتس ووتش" علم اليقين أن هناك أنظمة وأشباهها بجوار المغرب ليست فيها رائحة حقوق الإنسان ،بل العقوق الكامل لتلك الحقوق .
وحين يستحيي أصحاب "هيومن رايتس ووتش" بعض الشيء من أنفسهم ، يكتفون بإشارات خجولة عن خروقات هنا وهناك فقط من أجل إحداث نوع من التوازن أو إن شئت قل من أجل إرضاء خواطرمن يدفعون أكثر.
من حق المنظمة المذكورة أن تتحدث عن " المحاكمات الجائرة" و"التعذيب" و" سوء المعاملة" ، لكن ليس من حقها أن تقدم للرأي العام بصيصا ضئيلا من الحقيقة، مما يعطي الانطباع بأن أعمال التخريب والتكسير وإحراق الممتلكات العامة والخاصة ، واستخدام الأبرياء دروعا بشرية خلال مواجهتهم لقوات الأمن ،ناهيك عن العبث بكل ما يقع تحت اليد .. أصبح حقا من الحقوق المشروعة ؛ كما أنه ليس من حقها أن تقدم "مختارات " من الانتهاكات والخروقات حسب هواها أو ما يملى عليها من طرف الجهة أو الجهات المانحة .
وقد انكشف خبث هذا الأسلوب حين انتقلت المنظمة مباشرة إلى الموضوع المعين لها من طرف ممونيها، والمتمثل في أحداث "أكديم إيزيك" التي تأكد بالملموس للجميع ، بمن فيهم "هيومن رايتس ووتش" وغيرها ، مدى تورط الجزائر فيه . وهو ما لم تشر إليه المنظمة لا من قريب ولا من بعيد. فأي نزاهة، وأي حياد لهيئة تزعم أنها تدافع عن حقوق الإنسان؟
إن في الأمر "إن وكان وأخواتهما ". ولم يعد الوقت يسمح بالسكوت عن تجاوزات بعض الهيئات لحقوق الإنسان باسم حقوق الإنسان. كما لم يعد من الممكن قبول القمع المقنن الذي تمارسه بعض تلك الهيئات وكأنه قدر ، ولا الابتزاز الذي تقوم به ضد هذه الدولة أو تلك لحاجة في نفسها أو لخدمة أجندة غيرها.