يزور الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي، قطر لمناقشة العملية السياسية المتعثرة في بلده واحتمال فتح مكتب لحركة طالبان في الدوحة عاصمة هذه الدولة الخليجية.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأفغانية، جنان موسى- زاي، إن كرزاي لن يعقد أي محادثات مع ممثلي طالبان الذين يوجدون في قطر.
ومن المقرر أن يعقد كرزاي محادثات مع مسؤولين قطريين على هامش مشاركته في مؤتمر سنوي بشأن العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.
وقال مكتب الرئيس إن كرزاي سيلتقي مع مسؤولين قطريين لمناقشة عملية السلام في بلده ودعم الولايات المتحدة لمسألة فتح حركة طالبان مكتبا سياسيا في الدوحة في إطار الجهود الرامية لإحياء المفاوضات مع الحركة، لكن حركة طالبان رفضت حتى الآن الدخول في مفاوضات مباشرة مع ممثلي الحكومة الأفغانية.
لعلّ القارئ الكريم ستتوقف أنفاسه، ويضع يده على قلبه مراّت عدّة، وهو يتابع هذا الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء الكبرى عالميا، وأكيد سيطرح السؤال ماذا أصاب قطر؟ وما هي استراتيجية سياسة حكام البلد؟
أكيد أن الجواب الجاهز والقصة المعروفة سيردّدها عدد من القراء هي أن الدوحة مجرد ملحقة تابعة لواشنطن وسيردف كثيرون "ليس غريبا أن تنبطح قطر وحاكمها أمام سيّدها العم سام.
لكن أبعد من ذلك، ستفضي بنا القصاصة الإخبارية ومعلوماتها، و ستشدّنا بقوة حين نعلم أن الذي سيفتحون مكتبا لهم (سفارة) مؤقتة هم جماعة الطالبان، من فرّخوا تنظيم "القاعدة" الإرهابي، ويعني كذلك، الظلام الذي منع النساء من دخول المدارس وحرم ذلك تحريما عظيما، هم من ارتكبوا أبشع الجرائم في حقّ التراث الإنساني بتحطيم تماثيل بوذا التي تعود الى ألاف السنين، وابعد مما ذكرناه هو أن الملا عمر الزعيم والقائد للجمعية الجهادية وهو صهر أسامة ابن لادن، والرجل الذي بارك تفجيرات 11 شتنبر الإرهابية في امريكا، قبل إعلان "القاعدة" مسؤوليتها عليها.
قصاصة إخبارية، لا يمكن أن تمر مرور الكرام على المحلل السياسي، لأنه ليس بهاته السرعة تطوى صفحات التاريخ، وبدون قراءة جيدة حتى نستلهم العبر، لأن حرب أفغانستان وقنابلها العنقودية، وأقوى الصواريخ تدميرا وحفرا تحت الأرض، لم تكن مجرد شهب اصطناعية ومفرقعات للعب في ليلة رأس السنة، والقتلى بمئات الآلاف كانوا بشرا وليسوا من الماشية أو قطعان البقر في البراري الأمريكية وحتى شلالات الدم وأنهارها لم تكن نبيذا أحمر في ليلة ترف وسمر، إنها جرائم ضدّ الإنسانية، قال العالم ساعتها إن "القاعدة" وهمجية الطالبان هي السبب وزاد طينتها بله استكبار وتطرف الرئيس بوش الابن الديني قبل السياسي بدوره حيث أعلنها حربا صليبية بلا هوادة الخ..
ان عملية إنعاش الذاكرة، التي تمارسها القصاصة علينا لن يتوقف شريط مشاهدها التي تفوق الخيال بشاعة، لكنها ستزداد الى أن تلامس المنتهى في البشاعة والوضاعة عندما تكون قطر التي كانت تنطلق من قواعدها طائرات الشبح محملة بصواريخ "الطوماهوك" وغيرها من النووية والمحرمة دوليا، وخلفها بطبيعة الحال كانت الولايات المتحدة الأمريكية، هي الراعية و صاحبة الخطة والمقترح لعملية المصالحة الوطنية في ملحقة أفغانستان بين السلطة في شخص كرزاي الرئيس المعيّن من "محافظة" واشنطن وطالبان الأم الشرعية لمنظمة "القاعدة" الإرهابية إلى يومنا هذا، فأيمن الظواهري لا ينفك كل يوم، يخرج على الولايات المتحدة الأمريكية، مهددا ومتوعدا بأكثر من 11 شتنبر جديدة(؟؟)
ماذا تغير على الأرض..؟ أو ماذا أصاب أمريكا المعادية للإرهاب، والمناصرة للحرية وحقوق الانسان، وصاحبة سجن "غوانتنامو"لمحاربة الإرهاب: أخطر المعسكرات في التعذيب بعد معتقلات "أوزفيتش" النازية؟
هل انهزمت أمريكا القوة العظمى في أفغانستان وانتصر الظلام على كل قيم الأنوار والحرية والديمقراطية؟؟ ثم ما شأن قطر؟ وحاكمها طويل العمر ألا يملك ذرة نخوة بشرية وحسّ بالسيادة على كرامته قبل بلده؟ كيف سيكون البلد الذي يسمح لجماعة مارقة عن الإسلام المعتدل بفتح مكتب اتصال بعدها قد تصبح سفارة، ووحده المسكين كرزاي، يعرف مآله في ساحات كابول، ولماذا يرفض الرجل المصالحة وهو الأمريكي الجنسية قبل الأفغانية؟ وكم من سيوف الإعدام في انتظاره، عندما يطبق فيه الملا عمر وحفدته من صهره، ابن لادن..عندما يطبق عليه أحكام شريعة الكهوف وعصابات الأفيون باسم الله والصلاة على رسوله، وتحت رعاية أميرية لطويل العمر في الدوحة التي أصبحت "باريس الحرية" للهاربين من القانون في بلدانهم ومن المعارضين الظلاميين و الإرهابيين، و ضمان حقهم في التعبير وحرّية الرأي في أضخم قناة تلفزيونية في العالم، إنها "الجزيرة" التي أصبح شعارها الحقيقي هو"الإرهاب.. و الإرهاب الآخر" .
رشيد بغا