لدى جماعة التبليغ بند يقول "الشرط في ذلك تركنا ما لا يعنينا"، أي الابتعاد عن العمل السياسي لأنه لا يعنيهم كدعاة. ولدى أولاد العدالة والتنمية بند يقول "الشرط في ذلك ترك الأتراك فيما يعنيهم". وهل هناك من يستطيع من أولاد العدالة والتنمية أن ينتقد النموذج الأردوغاني والمعجزة التركية؟ وطلع علينا أحد دراريهم يندب حظ المغاربة الذين ضيعوا فرصة تاريخية عندما لم يخصصوا استقبالا يليق بمقام حفيد السلطنة العثمانية. أولاد المصباح لهم كعبة اليوم اسمها أنقرة. حتى لو قال نائب رئيس الوزراء إن حكومته أخطأت واعتذر للمحتجين في المدن التركية قالوا هم كلاما آخر. لكن ما يضحك من بين ما قالوا هو ما ردده عبد العزيز أفتاتي، المعروف بقضية الاستقواء بالسفارة الفرنسية، حيث لما سئل عن موقفه مما يجري في تركيا قال "هذا شأن داخلي". متى كان الحزب يقدر الشؤون الداخلية للدول؟ فتدخلاته أصبحت أشهر من نار على علم. ونبدأ بالحكاية البسيطة التي كان بطلها البرلماني المذكور نفسه. لقد أقام الدنيا ولم يقعدها على ما أصبح يعرف ببوسة سبيدرمان. فالفيلم تم عرضه في طائرة مصرية بمعنى أن السيادة في الطائرة هي لمصر وليس لغيرها. حيث أن الدولة لا تستطيع اعتقال أي شخص على متن طائرة أجنبية حتى يضع قدمه في الأرض والشيء نفسه يذكر بالنسبة للسفارات. ألم يتدخل أفتاتي هنا في شأن داخلي لدولة أخرى؟ أما الحكاية التي تعود للحاضر غير البسيط فهي تدخلهم السافر في الشأن السوري. نريد من أفتاتي أن يخبرنا هل ما فعله إخوانه تدخل في شأن داخلي لدولة أخرى أم لا؟ لقد ذهب وفد من أطباء العدالة والتنمية إلى أنقرة ونقلتهم المخابرات التركية إلى الحدود السورية ودخلوا في حماية جبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة وأقاموا بين الإرهابيين أياما. هل هذا تدخل أم لا؟ ولقد سقطت حكاية المساعدة الإنسانية التي لم تتعد 12 كارتونة من الدواء، لما سمع بها أحد شيوخ النفط انفجر ضاحكا لأنه صرف الملايير. وكان بإمكان الوفد الإنساني جدا أن يدخل عن طريق الصليب الأحمر الدولي كما فعلت العديد من المنظمات. ألم يطالب زعماء الحزب وعلى رأسهم العثماني برحيل الأسد؟ أليس ذلك تدخلا في شأن داخلي لدولة أخرى؟ وقام العثماني في وقت سابق بجهود حثيثة لإطلاق سراح إرهابي مغربي محكوم بالإعدام أو تسليمه للمغرب، وكان قد اعتقل في العراق أثناء تفجير مرقد الإمام العسكري. أليس في ذلك تدخل في شأن قضائي لبلد آخر؟ وإذا أحصينا عدد المرات التي تدخل فيها الحزب وحشر أنفه فيما لا يعنيه أصلا وفيما لا يفهمه من البداية لملأنا المجلدات. لكن لما يتعلق الأمر بتركيا فإن حركة التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية يلهجون بذكر أردوغان صباح مساء. لا يهمني أن يمدح أولاد العدالة والتنمية أردوغان ولا يهمني أن يدافعوا عن قمعه للمتظاهرين، ولكن أريد أن أقول انتبهوا إن أردوغان مر من هنا فماذا منحه الحزب الأغلبي؟ هل سيفصح بنكيران عن طبيعة الاتفاقيات التي تم توقيعها أم سنستيقظ ذات يوم لنراهم ذهبوا بكل شيء؟ وعلى سبيل التذكير فقط إن دولة مجاورة لتركيا تتهمها بتفكيك 1500 وحدة صناعية وتهريبها عن طريق مجموعات مرتبطة بها. خذوا حذركم.
ادريس عدار.