يصر علي أنوزلا على حشر أنفه في ملفات قد لا يفهم فيها كثيرا، لكن لأنه يعتمد لغة التعليمات، التي تأتيه من فوق، فهو يكتب حتى دون أن يعرف حقيقة ما يكتب ولا كيف يفعل ذلك، الغريب هذه المرة، أنه كتب عن الزيارة الخاصة للملك محمد السادس. لقد أجهد أنوزلا نفسه كثيرا وهو يحسب عدد الأيام التي قضاها الملك خارج المغرب في زيارات قال إنها خاصة، والحقيقة أن الرجل يكابر كثيرا لإخفاء أميته، وجهله المركب، خصوصا أن مثل هذه الزيارات تكون أيضا زيارات عمل، لا تسلط عليها الأضواء، ولعل الطريقة التي تعامل بها أنوزلا مع زيارات الملك توضح بجلاء أنه ينفذ أجندة خارجية، الأخطر من ذلك أن أنوزلا قدم إفادات جازمة، حين قال إنه لا يوجد رئيس دولة في العالم، "يتمتع بهذا القدر الهائل من أيام العطل المفتوحة"، ولا نعرف من أين جاء بهذه المعلومات؟ ومن قدمها له؟ لكن الغريب في الأمر هو أن يقحم أنوزلا رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ويقول إنه ليس محظوظا ليتمتع بكل هذا السخاء من العطل المفتوحة والمدفوعة الأجر من المال العام ! طبعا الرجل يتحدث هنا عن بلد اسمه المغرب تكون فيه الصلاحيات واضحة، ولا مجال للخلط. ما لا يعرفه أنوزلا، أن الزيارات الملكية إلى الخارج حققت الكثير من المكاسب، وفي كثير من المرات جنب المغرب الكثير من الأزمات، مما يجعل من المريب حقا أن يتحدث أنوزلا بهذه الطريقة، ويضع نفسه في موضع المحلل الجازم. ومع ذلك هناك شيء لافت في مقال أنوزلا، أنه تعمد في كثير من المرات وضع مقارنات لا معنى لها من قبيل أنه ليس هناك رئيس دولة في العالم، يمكن أن يغادر بلاده مدة طويلة دون تفويض، ولا نعرف من أوحى له بهذه الكلمة، التي تعني أن يفوض الملك صلاحياته، مع أننا نعلم جميعا أن الملك حتى وهو خارج المغرب يتابع سير الأمر أولا بأول، بل الأكثر من ذلك أن مؤسسات الدولة لم تتعطل، واستمر العمل مثل الساعة، فدواليب الدولة تعمل بشكل عاد جدا ودون أي مركب نقص، يبقى فقط أن بعض الجهات هالها الاستقرار الذي يعرفه المغرب وطريقة تدبير شؤون الدولة، فوجدت في زيارة الملك الأخيرة محاولة للتشويش فلم تجد غير أنوزلا للقيام بهذا الدور القبيح، مع أننا نعتبره دورا أكبر منه بكثير. لقد حدد الدستور الجديد صلاحيات كل المؤسسات، ووضع النقط فوق الحروف ولا مجال هناك للتشكيك، فمؤسسة القصر تعمل في إطارها الدستوري، ووفق صلاحيات محددة، ورئاسة الحكومة لها حدود اشتغالها، والأمر نفسه ينطبق على باقي المؤسسات، لذلك يبدو من اللازم توضيح كثير من الأمور التي يبدو أن أنوزلا أراد أن يجعلها غامضة لغرض في نفس من أجروه لكتابة ما كتب. المغرب دولة لها سيادة، وتعمل في إطار دولة الحق والقانون وبدستور أجمع عليه المغاربة، والملك هو رئيس الدولة، ووظيفته أسمى من أن تختزل، لذلك فإن أي نشاط سواء داخل المغرب أو خارجه تكون له أبعاد سياسية ورمزية كبيرة. فهل كان أنوزلا يريد أن تتعطل دواليب الحكم في المغرب، لمجرد أن الملك اختار السفر في زيارة خاصة، غالبا ما تكون لها أبعاد كثيرة على علاقات المغرب مع محيطه الخارجي.