من أول مؤشرات فشل زيارة طيب رجب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، للمغرب، إعلان الاتحاد العام لمقاولات المغرب مقاطعة الاجتماعات مع رجال الأعمال الأتراك. رغم أن المقاطعة لم تكن مقررة مبدئيا ولكن الطريقة التي تم بها التعامل مع رجال الأعمال المغاربة لم تعجبهم وأبانت عن انبهار فارغ بالزائر التركي. ومقاطعة رجال الأعمال لنظرائهم الأتراك تعني بجملة واحدة فشل زيارة أردوغان للمغرب، لأن العلاقات الإستراتيجية تبنى أولا على ما هو اقتصادي ثم تأتي الاعتبارات الأخرى من بعد. لكن المؤسف ألا يفهم بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية، أن نظيره التركي "طيح سنانو" في المناورات، وأنه يبحث عن إنقاذ لوضعه هو لا مساعدة الإسلاميين المغاربة على الخروج من ورطتهم، وأن أي اتفاق لا يربح فيه أضعافا مضاعفة مما يربحه المغربي لا يوقعه ويتذرع بألف حجة لكي لا يمضي على وثائق لا تفيده. فهل قدر المغاربة أن يعيشوا سنوات طويلة من الهوس بالشرق ومن استيراد كل ما هو فاشل في الشرق، فبعد ما قام الإخوان في العدالة والتنمية بتهريب كل أفكار التطرف إلى المغرب بمساعدة حلفائهم، يحاولون تهريب نموذج فاشل لما يسمى الإسلاميين الديمقراطيين الذين استطاعوا التعايش مع الديمقراطية وقيم الحداثة والمحافظة على الهوية، وهذا كله كلام كبير لا يراد منه سوى در الرماد في العيون. ماذا سيستفيد المغرب من علاقة غير متكافئة بسبب انبهار أولاد العدالة والتنمية بالنموذج التركي؟ فمن يعتبر الآخر نموذجه الذي ينبغي أن يقلده لا يمكن أن يربط معه علاقات متكافئة. وبما أن حزب العدالة والتنمية والحكومة الميني ملتحية علمتنا منذ زمان أنها لا تفهم في لغة الأرقام وتحب الإنشاءات البئيسة، فإنها لم تصغ إلى موقف رجال المال والأعمال الذين يفهمون لغة واحدة فقط هي لغة الربح والخسارة. إن "مقاطعة الاتحاد لهذا اللقاء، جاء بسبب تأخر منظميه في إرسال الدعوة إليه، معبرا عن أسفه الشديد لعدم التحضير لهذا اللقاء بصورة جيدة وتشاورية ، بالنظر إلى أهمية الرهانات الاقتصادية بين البلدين في الميادين الصناعية والتجارية ومع بلد يسجل معه المغرب عجزا تجاريا منذ عدة سنوات". هنا يطرح سؤال جوهري هل يستطيع أولاد العدالة والتنمية أن يشرحوا لنا ماذا سنربح وماذا سنخسر من هذه الزيارة؟ وهناك مسألة جوهرية في فشل الزيارة وتتعلق بالوضع الداخلي لتركيا الذي يزداد سوءا بسبب السياسات غير المنطقية وغير الديمقراطية لأردوغان، وكان من المفروض تأجيل الزيارة إلى حين هدوء الأوضاع هناك بدل أن يركب بنكيران رأسه وأردوغان كذلك، لأنه في السياسات الدولية من المعيب استقبال رئيس حكومة أو رئيس دولة من أجل التوقيع على اتفاقيات استراتيجية في ظل الغموض الذي تعيشه تلك البلاد.